شارك
|

الاعلامي موفق الخاني.. مقدم أقدم برنامج تلفزيوني علمي

تاريخ النشر : 2017-03-14

الاعلامي القدير موفق الخاني مقدم برنامج من الألف الى الياء الذي استمر عرضه لمدة 41 سنة بدأ سنة 1963 و انتهى عرضة سنة 2004 ولد سنة 1922 


( كلّ الأجيال التي نشأت في الشام عرفتني، وكان طريقي يحمل حالة من التوعية المستمرة، فحدثتهم عن هوايتي في الطيران الشراعي ونشرت المعرفة فيها بين سورية ومصر أيّام الوحدة أيضاً )) …

 الإعلامي القدير موفق الخاني صاحب التاريخ العتيق في حياة السوريين والدول العربية، في بواكير انتشار الشاشة الإلكترونية ولغة التلفزة وتطور الصورة. إذّ لا تزال نبرة صوته في ذاكرة الكبير والصغير تصدح بقوة لتوجّه الأجيال نحو العلم واكتساب المعلومات الجديدة، ومن منّا لا يتذكّر برنامج من الألف إلى الياء … الإعلامي موفق الخاني من خيرة الإعلاميين العرب، وهو من مواليد دمشق عام 1923م يحمل سيرةً نادرةً في التفوق العلمي والخبرة الإعلامية، وفي رصيده خمسة عشرة شهادة تكريم على مدى حياته، وغيرها من أوسمة الاستحقاق، تمّ ترشيحه لجائزة ( كالينغا ) الهندية ثلاث مرات على اعتباره أنشط رجل خدم العلم و بسطه في بلاده خلال أكثر من ربع قرن، واليوم هو مرشح في مؤسسة غينيس للأرقام القياسية لينال لقب (مقدّم أقدم برنامج تلفزيوني علمي).


تاريخ حافل بمحبة علم الطيران
بدأ اهتمامه في نشر الوعي الجوي بصورة واضحة بين الناس عام 1952م ،وكان حينها يقوم بصناعة نماذج الطائرات الخشبية، وكانت طائرة الركاب تحمل راكباً أو اثنين فقط، وحصلت سورية بفضل جهوده عام 1950 على طائرات ركاب تحمل اثني عشر راكباً، وفي ذلك يقول: فكرت بأنّه لا بدّ من نشر علم الطيران في بلدي كونه مهم جداً ويحمل فائدة كبيرة، وكانت المهمة الأولى لي في نشر الوعي عن الطيران بتشجع الناس في ارتياد الطائرة دون الخوف من السقوط، فالمسألة كانت جديدة جداً على الناس، ولا يتقبّلها الذهن بسهولة، وليست كواقع اليوم فالتطور الحاصل كبير من ناقلات حربية وناقلات ركاب ومقاتلات وغيرها، فأصبح الطيران مسألة ضرورية وحسّاسة في حياتنا. لكن قبل ذلك في العام 1942م كان لموفق الخاني بداياته الأولى في سلك الطيران بدأ في تعلّم المبادئ الأولية ومفهوم الميكانيك، ليصبح بعدها ….


نقطة تحوّل
 النقطة الأهمّ هي أنّني حوّلت الطيران الشراعي من هواية إلى واقع حال، وتمّ تأسيس نادي الطيران الشراعي في العام 1954م وفي معسكرات الفتوة للشباب كنت أنشر المعلومات عن الطيران، ويُمنح المشاركون شهادات فيها للتشجيع، وكانت النتائج مشجّعة فمن بين كل 100 مشارك يخرج 10 إلى 15 طيار ناجح، ومنهم من تابع دراسته بعد البكالوريا بأكاديميات الطيران أيضاً، وهذه النسب شجّعتني على المتابعة أنا أيضاً، واستمريت كذلك 10 سنوات في نفس العطاء.


أيّام الوحدة بين سورية ومصر
نشر موفق الخاني الطيران الشراعي والتي كانت هواية لديه أيّام الوحدة بين سورية ومصر 1958م، واعتمد تحمّيل رسائل توعوية وصحية ضمن موضوع الطيران لكلّ من يريد التعرف على هذا المجال، فيأخذ معلومة علمية مفيدة أثناء تعامله وتعرفه على موضوع الطيران بهدف المعرفة والتسلية معاً، والمميز في تلك الفترة أنّه تمّ ضمّ نوادي مصر لنادي الشام، وأخذ نفس الاسم نادي )الطيران الشراعي(.
ويذكر لنا الأستاذ الخاني حادثةً من تلك الفترة: أذكر أنّ أحد الجاهلين ( مسؤول سابق أيّام الجمهورية المتحدة ) قال لي مرّة أليس مبكراً أن تنشر هذه الثقافة بين أبنائنا؟ فقلت له أتعلم أنّه في هذه الأثناء نملك نادي وحيد للطيران الشراعي ( نحن ومصر ) بينما إسرائيل تملك 16 نادياً للطيران الشراعي، وهذا يدل على وعيهم للدراسة قبلنا ومن الضروري تعليم أبنائنا هذه المسألة، ولكن للأسف تمّ توقيف النادي لجهلهم بأهمّية المسألة، وذلك في بداية الستينيات، وحينها واجهت المشكلة دون يأس وبقيت أمارس هذه الهواية وأنشرها بين الناس بجهود فردية، وأعلّم كلّ من يطلب ويريد، وأصنع معهم بالخشب والأدوات البسيطة، وأشرح لهم عن التوازن، وشكل الأجنحة، والأطوال، والمراوح، والمحركات، ونطيّر الطائرات معاً إلى السماء.


الطيران في السبعينيات
في السبعينات بدأ موفق الخاني بنشاط أوسع من خلال المدارس، فكان يقدّم المحاضرات والدروس، وأيضاً في المعسكرات ونشاطات منظمة الشبيبة، ومعسكرات المظليين كذلك، وبقي ينشر هذا الموضوع على مدى ثلاثين عام، وفي هذه الفترة قام بمعالجة طريقة نقل المعلومة للأطفال والراغبين في العلم، وكيفية تنوير الذهن بهذا الاتجاه، وفي ذلك يستذكر: لا زلت أتذكر عيون الأطفال كيف تلمع بينما هم يراقبون طيران الطائرة ويتحسّسون اتجاه الرياح. وقلت لهؤلاء الأطفال مرّةً بقينا نتعلم الطيران ومبادئه لمدّة تفوق العامين في حين أنتم اليوم تتلقون المعلومة جاهزة، وتطبقونها بسرعة، فأنتم محظوظون.
بصمة خاصة مع السينما السوريّة
عندما تمّ تسريح موفق الخاني كان برتبة عقيد ركن طيار عام 1963م وفيما بعد عُيّن مديراً عاماً لمؤسسة السينما لمدّة خمس سنوات 1965- 1968م، وعمل مع أهمّ مخرجي السينما السورية في تاريخها كنبيل المالح، وبقي على تواصل دائم مع إنكلترا لشراء الأجهزة والتقنيات التي تخدم الإنتاج السينمائي المحلي.


أهمّ المحطات الإعلامية
في المرحلة الابتدائية في مدينة حماه عام 1932م قّدم موضوع إنشائي عن سوق الخميس؛ حيث يتجمهر الناس هناك للتبضع، ويصيحون “الله موجود، الله موجود” وهذه الكلمة سحرته وهي من حرّضته لكتابة الموضوع، فقدّمه لأستاذ اللغة العربية، ونشره في مجلة المدرسة وكان اسمها “النواعير” وهو أوّل مقال منشورٍ له.


عام 1946م كان نشر أوّل مقال له في مجلة الجندي، وكان قد التحقت في صفوف الجيش، وكان عن الطيران وإصلاح محرك الطائرة، وعن شعور الميكانيكي الذي يطير في السماء، فحياته رهن اجتهاده في إصلاح الأعطال والانتباه للطائرة. وقد ذكر لنا عن هذه الحادثة: المفاجأة أنّه وبعد مرور خمسين عام تصلني رسالة من شخص احتفظ بالمقال ذاته ويقول لي: أتمنى لك عمر مديد وأريد أن أذكّرك بهذا المقال الخاص بك. وعموماً كتبت في المجلة ذاتها 20 عام وغطيت 4 صفحات منها.


بعد ذلك عُرض عليه العمل في التلفزيون العربي السوري عام 1961م فقدم برنامج مجلة العلوم، ثم برنامج من الألف إلى الياء من العام 1963 ليستمر حتى 2005م وفيه تحدّث عن مواضيع الطيران، ولم يترك ناحية في هذا العلم إلا وتطرق إليها، كما تمّ ترشيحه كأقدم برنامج علمي في العالم ليدخل موسوعة غينس العالمية، ولكن الإعلان عن ذلك لم يتم بعد.
ومن البرامج الجميلة كذلك برنامج مذكرة وطيار الذي يروي قصّة طيّار تقاعد من خدمة الوظيفة ليسافر هو وزوجته بالطائرة ويشاهدا أنحاء العالم عبر مشهد شاقولي من الطائرة، ويصف الدنيا كيف تبدو من السماء، وعن هذا البرنامج يعلّق قائلاً: كنت اعتمد على كتب سياحية في إعداد الحلقة، وكان الناس في الأردن يتابعون البرنامج باهتمام وتصلني رسائل كثيرة منهم لمحبّتهم للفكرة.
تمّ نشر كتاب من الألف إلى الياء في جزئه الأوّل عام 1992م وهو يصف روايات وثّقها البرنامج العلمي الذي حمل ذات الاسم.


نصائح للأجيال
أحبّ موفق الخاني قراءة الكتب العلمية، وحالياً يعود لمجلة العربي الكويتية وعنها يقول: لقد خدمت الوطن العربي من ثقافة وعلم ومعرفة، وهي مفيدة جداً، ويضيف: قرأت للأديب طه حسين وقد أثّر فيّ كتابه الأيّام كثيراً، ولازلت احتفظ بالعديد من المجلات القديمة وبأعداد نادرة لمجلات محلية وعربية وأجنبية، واليوم أشجع جميع من حولي على القراءة وخاصة أحفادي، ويجب أنّ نشجع أولادنا على قراءة الموسوعات وأنّ نتابع معهم النشاط الذهني كي يتطوروا، ومداولة المعلومة مسألة مهمة، فعلتنا أنّنا لا ننتبه لهذه المسألة وأولادنا يأخذون حواسيبهم ويمضون الوقت يحدقون في مسائل سخيفة قد تكون ألعاب أو صور أو تسالي وهذا لا يجوز، وننسى متابعتهم في أخطر مسألة وهي تحريك الدماغ وتقوية الذاكرة. وعندما كنت صغيراً كنت أشتري روايات الجيب ( شارلوك هولمز وراسبوتين وغيرها من العناوين ) فكان والدي يلحق بي ويبحث في فراشي وبين ملابسي على هذه الكتب، فقد كان يقرؤها كتاب الحبيب بدلاً من الجيب.


كلمة أخيرة
كلمات من القلب أحبّ بلدي منذ طفولتي، وساهمت في نواح كثيرة، فكنت طياراً وميكانيكياً وصحفياً وسينمائياً وإعلامياً، ومارست الكثير من الأعمال، ولولا حبّي لبلدي لما قمت بكلّ ذلك، ونشاطي الحالي هو في الجمعية السورية لمكافحة السلّ والأمراض التنفسية، ونشر الوعي بين الناس حول هذا الموضوع، وحول جرثومة السلّ وأعراض المرض والوقاية منه. وأخيراً أريد أنّ أضيف شيئاً للناس عليكم أن تكونوا أكثر إيجابيةً مع الطبيعة.
لمحة من سيرته الذاتية:
محمد موفق الخاني بن بهاء الدين بن محمود ، من أسرة الخاني الدمشقية
تاريخ ومكان الولادة : دمشق عام 1923
شارك في الاستقلال عندما انسحب مع رفاقه من سلاح الطيران في الجيش الفرنسي في لبنان ، وانضموا إلى قوات الدرك السوري ، فحكموا غيابياً من قبل القوات الفرنسية عام 1945 .
بعد الاستقلال عام 1946 تسلم مع رفاقه مطار المزة العسكري باليد من القوات الفرنسية
شارك بطائرته ( وكان يسميها لمياء ) في حرب الإنقاذ في فلسطين عام 1948
تسلم إدارة مؤسسة الخطوط الجوية السورية عام 1950 بعد أن تنازل عنها ملاكها من القطاع الخاص إلى الجيش بسبب إفلاسها ، فساهم بإعادة تأسيسها واستلم إدارتها ما بين أعوام 1950 و1955
نال وسام الاستحقاق السوري عن مشاركته في حرب فلسطين عام 1948
نال ثناء خاصاً من رئيس الأركان السورية ( رئيس الجمهورية ) عام 1954 عدل إلى وسام
نال وسام الوحدة عام 1958 من المشير عبد الحكيم عامر
نال وسام الشرف عام 1960 من ملك كمبوديا
نال شهادة قائد الفرقة الجوية للإقليم الجنوبي في دولة الوحدة (مصر) عام 1960 التي عدلت عام 1963 بشهادة أركان حرب سورية .
حصل على دبلوم بول تيسانديه Diplome Paul Tissandier ) (صادر عن اتحاد الطيران الرياضي العالمي باعتباره رجل الطيران لعام 1963 في سورية 

 


عدد القراءات: 12770