شارك
|

نهاد قلعي .. كاريزما "حسني البورزان" الحية في ذاكرتنا

تاريخ النشر : 2015-06-24
ممثل وكاتب سوري, من مواليد دمشق عام 1928 وتوفي عام 1993 واسمه الحقيقي نهاد قلعي الخربوطلي (نسبة إلى خربوط أو خربوت في تركيا الأزيغ حالياً) وعرف بلقبه الفني حسني البورزان (بوزان) وكما ورد على لسان ابنه بشار قلعي بأنه ينحدر من جذور كردية.
 
نهاد قلعي من عمالقة الفنانين السوريين الذين صنعوا بدايات التلفزيون السوري عمل في السينما والمسرح والتلفزيون. له عدد من الافلام السينمائية والاعمال المسرحية، والمسلسلات مع رفيق دربه الفنان دريد لحام، ألف مسلسلات عديدة: "صح النوم" - "حمام الهنا" - "مقالب غوار" - مغامرات كارلو والعديد من التمثيليات على المسرح مثل مسرح الشوك - سهرة مع أبو خليل القباني عانى في أواخر حياته من الشلل النصفي ومرضه منعه من الكتابة والتأليف، توفي إثر جلطة قلبية. اشتهر خلال مسيرته الفنية الطويلة بلقب (حسني البورظان).
 
انتسب نهاد إلى مدرسة البخاري الابتدائية وبدأت موهبته بالبروز وقتها وصقلها الأستاذ عبد الوهاب أبو السعود الذي كان يعد المسرحيات المدرسية ويدرب الطلاب على أداء دورهم, بعد انتهاء دراسته الثانوية قرر الالتحاق بمعهد التمثيل في القاهرة إلا انه قبل سفره بأيام تعرض للمقلب الأول من الحياة بسرقة نقود سفره مما أجبره على ترك السفر والعمل في دمشق.
 
بعد سرقة نقود نهاد شعر بالحزن الشديد وكأنه قد سرقت روحه فعمل مراقبا في معمل للمعكرونة ثم ضاربا للآلة الكاتبة في الجامعة ونقل بعد ست سنوات من العمل إلى وزارة الدفاع واستقال بعدها ليعمل مساعدا لمخلص جمركي طوال خمس سنوات إلى أن عمل لحسابه الخاص.
 
انتسب نهاد إلى استديو البرق سنة 1946 وشارك بتقديم مسرحية (جيشنا السوري) وفي عام 1954 أسس بدورة النادي الشرقي مع سامي جانو والمخرج خلدون المالح..الخ وراح يقدم في المسرحيات أدوارا كوميدية.
 
بين عامي 1957 و1959 قدم مسرحيات (لولا النساء) و(ثمن الحرية) على مسارح القاهرة محطمة شباك التذاكر ومشيدة بهم الصحافة المصرية وحائزة على إعجاب المسرحيين المصريين.
 
وعند افتتاح التلفزيون العربي السوري قدم نهاد مع دريد ومحمود جبر برامج منوعة خفيفة كوميدية وأولها كان سهرة دمشق عبارة عن برنامج منوعات يتضمن حركات كوميدية. ويتذكر دريد لحام لقاءه الأول بنهاد قائلاً : "كان يوم 23 يوليو يوماً هاماً في حياة الشعبين المصري والسوري عام 1960 يوم افتتاح التلفزيون المصري والسوري ففوجئت بمدير التلفزيون الأستاذ صباح قباني (شقيق الشاعر نزار قباني) يستدعيني ليطلب مني تقديم بعض أعمالي الجامعية على الشاشة الصغيرة _كان لديه فكرة مسبقة عن نشاطاتي الثقافية لطلاب الجامعة_ إستهوتني الفكرة وبدأت صلتي بالتلفزيون بدءا من الأسبوع الثاني من بدء الإرسال وكان أول عمل لي كهاو إسكتش (الإجازة السعيدة) من إخراج خلدون المالح الذي عرض في التلفزيون المصري أيام الوحدة. في أول حلقة كان المطلوب أن يظهر خمسة أشخاص أنا وثلاثة آخرين وبقي الخامس الذي يصلح للدور وكان موظفاً جمركياً اسمه نهاد قلعي وهكذا التقينا أنا ونهاد".
 
بعد افتتاح التلفزيون بعام واحد وبمناسبة أعياد الثورة عام 1961 قام دريد ونهاد بعمل أوبريت مسرحي اسمه (عقد اللولو) الذي لقي استحسان الجماهير فأعجب المنتج نادر الاتاسي وقرر تحويله إلى فيلم سينمائي وعلى حسابه الخاص وفي نفس السنة شارك نهاد في مسلسل (رابعة العدوية) ومن إخراج نزار شرابي.
 
بدأ القطاع الخاص في سورية ينشط وبدأ المنتجون يتهافتون لإنتاج أفلام تحقق أعلى الإيرادات وبدأ نهاد قلعي بأول فيلم سينمائي له مع دريد لحام وصباح وفهد بلان بعنوان (عقد اللولو) وذلك عام 1964 ومن أخراج يوسف المعلوف.
 
كان من الصعوبة لنهاد قلعي المسرحي أن يقف لأول مرة أمام كاميرا سينمائية لها شروطها وقوانينها وحدودها ولكن البروفات ومساعدة المخرج وفريق العمل نجح الفيلم وحقق جماهيرية واسعة.
 
بعد نجاح (عقد اللولو) قرر المنتج نادر الأتاسي والمخرج يوسف المعلوف إعادة التجربة مع الثنائي دريد ونهاد في فيلم اسمه لقاء في تدمر وذلك في سنة 1965 والجدير بالذكر أن الفيلم من تأليف دريد ونهاد وشاركهم البطولة هالة شوكت.
 
ثم قدم نهاد ودريد فيلم (فندق الأحلام) عام 1966 بالألوان ومن بطولتهما مع الممثلة اللبنانية ميشلين ضو وإخراج ألبير نجيب تبعاه بفيلم (أنا عنتر) بمشاركة المطربة اللبنانية رندة وقدموا أيضا فيلم (المليونيرة) من بطولتيهما مع صباح ومن إخراج يوسف المعلوف.
 
كانت سنة 1967 عاماً خيراً على نهاد فقد كتب المسلسل الدرامي (حمام الهنا) الذي يتحدث عن حسني البورزان الذي يرث تركة جدته الموجودة داخل الكراسي بينما غوار يوزع الكراسي على الفقراء لتبدأ أحداث القصة بحثاً عن الكراسي والتركة، المسلسل مؤلف من 13 حلقة ومن بطولة دريد لحام ونهاد قلعي ورفيق سبيعي ومن إخراج فيصل الياسري.
 
في نفس العام لعب نهاد بطولة فيلم (غرام في إسطنبول) من إنتاج سوري لبناني مشترك ومن إخراج سيف الدين شوكت عن قصة (انستازيا) الأميرة الروسية الوحيدة التي نجت من الأسرة المالكة بعد قيام الثورة الروسية وانتهاء عهد القياصرة كما أخذ بطولة فيلم (الصعاليك) من إخراج يوسف المعلوف.
 
في عام 1968 قّدّم نهاد مسلسله الدرامي الثاني (مقالب غوار مع دريد لحام وإخراج خلدون المالح في قالب كوميدي ضاحك حيث يتحدث المسلسل عن منافسة غوار لحسني للغناء في مقهى الانشراح وقد قدم المسلسل في نسختين إحداها للتلفزيون السوري والأخرى في تلفزيون لبنان والمشرق محققا جماهيرية واسعة.
 
وأخذ أيضاً بطولة فيلم (النصابين الثلاثة)من إخراج نيازي مصطفى بمشاركة وحش الشاشة فريد شوقي ودريد لحام كما شارك في فيلم (اللص الظريف من إخراج يوسف عيسى وبطولة دريد ونهاد ونيلي.
 
في عام 1969 مثّل نهاد في فيلم (خياط السيدات) من إخراج عاطف سالم وبطولة دريد وشادية ونهاد ,تلاها بفيلم جميل بعنوان (الصديقان) من إخراج حسن الصيفي وبطولة دريد ونهاد ونجلاء فتحي.
 
وفي نفس العام وقف نهاد أمام كاميرا المخرج الكبير حلمي رفلة في فيلم (الرجل المناسب) مع رفيق دربه دريد لحام والممثلة نادية لطفي، كما قدم مسلسله الدرامي الثالث (صح النوم) بجزأيه الأول والثاني, يتألف الجزء الأول من 13 حلقة ويتحدث عن حارة كل مين ايدو الو حيث يتنافس غوار وحسني على قلب فطوم حيص بيص وكانت الشوارع تخلو من المارة عند عرض المسلسل لم له من جماهيرية واسعة وخاصة الأغنية المشهورة (فطوم فطوم فطومة) أما الجزء الثاني فكان مؤلفاً من خمس حلقات منتقداً الظواهر السلبية في المجتمع يذكر أن المسلسل من تأليف نهاد ودريد ومن بطولتيهما ومن إخراج خلدون المالح.
 
في عام 1971 مثّل نهاد ودريد في ثلاثة أفلام أولها فيلم (امرأة تسكن وحدها) من إخراج نجدي حافظ وثانيها فيلم (الثعلب) من إخراج يوسف المعلوف وثالثها فيلم (1+1) ومن إخراج يوسف المعلوف أيضاً.
 
أما سنة 1972 فشهدت لنهاد بفيلم كوميدي جميل اسمه (مقلب من المكسيك) من إخراج سيف الدين شوكت وبطولة نهاد ودريد وهالة شوكت.
 
شهد عام 1973 فيلمين لنهاد ودريد أولها (زوجتي من الهيبز) من إخراج عاطف سالم وبطولة دريد ونهاد وهويدا أما الفيلم الآخر فكان (مسك وعنبر) من إخراج محمد ضياء الدين وبطولة نهاد ودريد.
 
تأثر نهاد ودريد في عام 1974 بموجة أفلام جيمس بوند وصدى هوليود فعملوا في فيلم (غوار جيمس بوند) من إخراج محمد شاهين.
 
بعد نجاح مسلسل صح النوم قرر نهاد ودريد تحويله إلى فيلم سينمائي وفعلاً تحول الحلم إلى حقيقة سنة 1975 وكان من بطولة دريد ونهاد وإخراج خلدون المالح وليكون خاتمة مشوار نهاد قلعي السينمائي وآخر فيلم للثنائي الذهبي سوية.
 
ويعتبر نهاد قلعي المؤسس الحقيقي للمسرح القومي في سورية وذلك عندما عهدت إليه وزارة الثقافة والإرشاد القومي مهمة تأسيس المسرح القومي وإدارته عام 1959 فقد قدم عدة مسرحيات منها مسرحية (المزيفون) عام 1960عن نص لمحمود تيمور وإخراج نهاد قلعي ,كما قدم في نفس السنة مسرحية (ثمن الحرية)عن نص لعاموئيل روبلس وإخراج نهاد قلعي, بالإضافة إلى مسرحية(عقد اللولو).
 
في سنة 1961 قدّم مسرحية (البرجوازي النبيل) عن نص لموليير وإخراج نهاد قلعي وتلاها بسنتين بمسرحية(مدرسة الفضائح) من تأليف شريدان وإخراج نهاد قلعي.
 
كما أسس نهاد مع دريد وآخرين مسرح تشرين وقدموا من خلالها أجمل العروض فقدموا (ضيعة تشرين) إبان حرب تشرين التحريرية وتدور المسرحية عن الفترة الواقعة ما قبل حرب تشرين وما بعدها وقدموا أيضا (مسرح الشوك) الذي كتب نصه عمر حجو ,أما آخر عمل لنهاد قلعي مسرحيا كانت مسرحية (غربة) وتتحدث عن الغربة داخل وخارج الوطن والتي تعرض فيها لحادث اليم إثر سقوط عصا على رأسه ليكون مقلبا آخرا من مقالب الحياة وتقعده في الفراش وتبعده عن عمله الفني.
 
في الثمانينيات وبداية التسعينيات من القرن العشرين قام الفنان نهاد قلعي بتأليف قصصٍ مصورةٍ للأطفال في مجلة "سامر" مستخدماً شخصية (حسني البورظان)، وشخصية (ياسينو) التي جسدها الفنان ياسين بقوش في في عدة مسلسلات، إضافة إلى شخصية فرنسية خيالية اسمها "شارلي".
 
بعد الحادث الأليم الذي تعرض له نهاد بقي في الفراش في حالة شلل لم يستطع أن يتابع مشواره الفني إلا عن طريق الكتابة للأطفال في إحدى المجلات اللبنانية ولعلها كانت مجلة سامر.
 
بعد اشتداد المرض على نجم الكوميديا نهاد قلعي تغلب عليه المرض ووافته المنية إثر جلطة قلبية عام 1993 بعد أن ترك إرثاً سينمائياً ومسرحياً وتلفزيونياً حافلاً .
الأمر المؤسف أن أصدقاء نهاد ورفاق دربه هجروه عند مرضه فمات وهو في وضع مادي سيء بسبب تكاليف العلاج.
 
قال عنه دريد لحام : ((إن صديقي نهاد ساعدني بامتطاء المجهول ولأختار الفن الذي أملت أن أحقق فيه ذاتي)).
 
وقد ألف نبيل صالح موسوعة اسمها (رواية اسمها سورية) متضمنة 100 شخصية ساهمت في بناء الوعي الفكري ولها حضورها الثقافي وتضمنت من بين المائة شخصية اسم نهاد قلعي.
 
وقال جان ألكسان : إن ظهور الثنائي (يقصد دريد ونهاد) في السينما ونجاحهما نجاحاً جماهيرياً كبيراً حجب بريق مطربة كبيرة مثل صباح التي اشتركت معهم ببعض الأفلام.
 

عدد القراءات: 20330