أوضح الدكتور بشار الجعفري خلال جلسة لمجلس الأمن أمس حول الوضع السياسي في سورية أن تنظيم جبهة النصرة الإرهابي ذراع تنظيم القاعدة في سورية والكيانات الإرهابية المرتبطة بهما والتي تضم في صفوفها عشرات آلاف الإرهابيين الأجانب وتسيطر على معظم محافظة إدلب وتواصل اعتداءاتها على المناطق المجاورة وعلى مواقع الجيش العربي السوري لافتا إلى أن سورية اختارت الحلول السياسية لمعالجة الوضع القائم ومنحتها الوقت اللازم كما تعاملت دوما بجدية مع جميع مبادرات “التهدئة” بما في ذلك تفاهمات أستانا وسوتشي والتزمت بها حرصا منها على حياة مواطنيها السوريين ولقطع دابر المتاجرين بآلامهم ودمائهم على كامل مساحة المشهد السوري.
وأشار الجعفري إلى أن مندوبي بعض الدول يحاولون في بياناتهم الترويج لاتهامات ملفقة بهدف عرقلة عمليات الجيش العربي السوري ضد الإرهاب في محافظتي إدلب وحلب ورفع معنويات الإرهابيين فيهما متسائلاً: ماذا ستفعل حكومات مندوبي هذه الدول في حال قيام تنظيم إرهابي باحتلال منطقة فيها واستهداف المدنيين في المناطق المجاورة بالقذائف الصاروخية… وهل ستقف موقف المتفرج وهل ستقبل أن يخرج شخص ما ويطلق على عناصر هذا التنظيم صفة “معارضة معتدلة مسلحة” ويطالب بدعمهم “إنسانياً”.
وبين الجعفري أن بعض الدول تواصل الاستثمار بالإرهاب في سورية بهدف إطالة أمد الأزمة فيها وتسعى لتعديل الإرهابيين “وراثيا” ومن ثم الترويج لهم على أنهم ” معارضة مسلحة معتدلة” ومن ثم جعلهم في المستقبل القريب بالتواطؤ مع النظام التركي “معارضة ليبية مسلحة معتدلة ومعدلة وراثياً أيضاً” ومن ثم سيصبح من يبقى حياً من هؤلاء جزءا من “المعارضة المعتدلة” لدول ثالثة ورابعة لأن مشغليهم أدمنوا الاستثمار في الإرهاب وهو ما يتم أيضا في دول افريقية أخرى مثل مالي ونيجيريا ودول الساحل وغيرها كما أدمنوا سياسات نشر الخراب وتدمير الأوطان ومن ثم التذمر والشكوى من موجات المهاجرين واللاجئين الذين أرغموهم مكرهين على مغادرة أوطانهم.
ولفت الجعفري إلى أنه بعد مرور تسع سنوات على الأزمة في سورية تناوب خلالها أربعة مبعوثين خاصين للأمين العام حاول كل منهم إيجاد حل للأزمة إلا أنهم لم يوفقوا في مهمتهم بسبب تغليب بعض أعضاء مجلس الأمن وخارجه قانون القوة على قوة القانون لتحقيق أجنداتهم الخاصة متجاهلين أحكام الميثاق ومبادئ القانون الدولي وعلاقات حسن الجوار وذلك على حساب استقرار سورية ودورها الإقليمي ودماء أبنائها.
وشدد الجعفري على أن بعض الدول تواصل استخدام جميع “أسلحة الكذب الشامل” المحرمة دوليا وتكرار نفس الأفعال التدخلية لزعزعة أمن واستقرار دول منطقة الشرق الأوسط بدلاً من مراجعة أفعالها ومواقفها وإصلاح سياساتها لافتا إلى أن الأنكى من ذلك أن هذا البعض يستمرئ سوء أفعاله فتارة يحاول إقناعنا بصوابية مواقفه التي تفتقر للحكمة أو بصحة سياساته قصيرة النظر التي لم تجلب إلا الخراب والدمار لبلداننا وشعوبنا وطورا يسعى لتبرئة نفسه من تبعات سياساته تلك فيصب جل انتقاده للآخرين.
غير أن الحقيقة الناصعة التي لا يمكن حجبها هي أن تراكم خطايا هذا البعض الكبيرة قديمها وحديثها في منطقتنا قد جلب لشعوبنا كوارث مريرة وصراعات دموية وعدم استقرار وغياباً للتنمية.
وبين الجعفري أن إعلان الإدارة الأمريكية أمس بنود ما تسمى “صفقة القرن” هو عمل أحادي الجانب وعدوان ضد الأمم المتحدة نفسها واستخفاف لا نظير له بقراراتها ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ومحاولة بائسة من واشنطن لرسم مخطط استعماري جديد لمنطقتنا وتكرار الجريمة التي ارتكبتها بريطانيا قبل ما يزيد على مئة عام والمتمثلة بوعد بلفور المشؤوم وذلك خدمة للاحتلال الإسرائيلي ومخططاته العدوانية التوسعية على حساب الحقوق والمصالح العربية في انتهاك فاضح للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وقراراتها المرجعية التي أكدت كلها على ضرورة إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي العربية المحتلة بما فيها الجولان السوري المحتل والانسحاب منها حتى خط الرابع من حزيران 1967 ووقف الاستيطان واعتباره عملاً غير مشروع متسائلا: كيف يمكن والحال ذلك أن تؤتمن السياسة الأمريكية على أي ملف في مجلس الأمن أو أن تؤتمن على صون السلم والأمن الدوليين.
وأكد الجعفري أن رسالة سورية هي رسالة سلام من موقع القوة وليست من موقع الضعف وهي تؤمن إيماناً راسخاً بمبدأ المساواة في السيادة بين الدول وترتكز في سياساتها عليه وهو المبدأ الذي أكد عليه مؤسسو منظمة الأمم المتحدة مشددا على أنه على من يفكر بتكرار ما فعله في منطقتنا بعد الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية التيقن بأن مخططه سيفشل وستسقطه إرادة الشعب السوري.