شارك
|

المغني والملحن "نجيب السراج"...

تاريخ النشر : 2015-07-07

ولد "نجيب السراج" في حماه عام 1923، ويقول عن أصل أسرته، أنها قدمت من تركيا منذ ثلاثمائة عام، واستوطنت مدينة حماه، وما تزال فيها حتى اليوم.


درس في بداية أمره العزف على العود، على موسيقي كفيف في حماه، وعندما نزح إلى دمشق تتلمذ على يدي الشهيد "طارق مدحة" فأخذ عنه أصول التدوين الموسيقي الذي أجاده واستخدمه في تنويط أعماله الغنائية والموسيقية.


عمل نجيب السراج منذ الأربعينيات في الغناء والتلحين، واشتهر على المستوى الشعبي من وراء الأغاني الشعبية الخاصة بمنطقة حماه التي ولد وترعرع وشب فيها، قبل اختياره دمشق مركزاً لإقامته وهو في أوج شبابه.


دخل نجيب السراج معترك الحياة الفنية في دمشق بخطوات واثقة، وعندما أدرك بأن العمل الفني يتطلب أن يقدم شيئاً غير الغناء الشعبي، فانصرف إلى معالجة مختلف أنواع الغناء، آخذاً بأسباب التقدم الذي أحرزته الأغنية العربية على أيدي سادة التلحين في القطر المصري، ولعل إعجابه الشديد بمحمد عبد الوهاب، هو الذي دفعه لأن يسير في طريق التجديد الذي جاء به محمد عبد الوهاب منذ منتصف الثلاثينات، وكانت أول تجاربه في هذا المجال قصيدة "بسم الفجر".


اهتم نجيب السراج بالأغنية الحديثة الدارجة (مونولوغ) والقصيدة، وحاول أن يكسب هذه الأغاني طابع الحداثة، وأن يغنيها بالتوزيع الموسيقي، وأن يعطيها مسحة رومانسية حالمة، فنجح في ذلك نجاحاً طيباً. ولما كان يرى في محمد عبد الوهاب المعلم الذي لا يجارى، فإنه عمل من جانبه على أن يتبع خطاه، وأن يسير على هديه، ولكن بطريقة "سراجية"، فاعتمد كمحمد عبد الوهاب على الموزع الموسيقي الشهير الراحل "أندريا رايدر" ليوزع له ألحانه، وكانت قصيدته "ليالي الشتاء" واحدة من تلك الأغاني التي قام بتوزيعها "رايدر" ليرتفع عن طريقها درجات في مضمار الغناء والتلحين، ولتوجه إليه الأنظار في القطر العربي السوري كأبرع ملحن للقصيدة الرومانسية الحديثة.


تتالت أغاني نجيب السراج بعد نجاحه المطلق في "ليالي الشتاء" ليغدو الملحن والمطرب الوحيد في القطر العربي السوري، وقد أغراه هذا النجاح في تجريب حظه في السينما فتعاقد مع شركة "جالق" على إنتاج الفيلم الوحيد الذي مثله "عابر سبيل" والذي لم يحقق النجاح الذي كان يرجوه، كما أغراه التلحين على تجريب التأليف الموسيقي، وكانت أول مقطوعة موسيقية تعبيرية له تحمل عنوان "شفه". وقد تحولت هذه المقطوعة بعد وقت قصير إلى أغنية تحمل نفس الاسم، ويعتبر عمله هذا سقطة فنية، فالتأليف الموسيقي غير التلحين الغنائي، وما يكتبه المؤلف كفكر موسيقي يختلف عن التلحين الذي يتعايش فيه الملحن مع النص الشعري أو الزجلي المراد تلحينه، لأن التعبير في التأليف الموسيقي مغاير تماماً عن تلحين كلمات تحمل معان وأفكاراً لا تتفق مع خيال المؤلف الموسيقي، لأن الموسيقا كموسيقا أولاً وآخراً هي تجريد بخلاف الموسيقا الموضوعة لأغنية ما لأنها في هذه الحالة تكون موصوفة ومرتبطة بالنص.


سافر إلى مصر أكثر من مرة بعد ثورة 23 تموز ـ يوليو ـ 1952، وإبان الوحدة، وسجل لإذاعة صوت العرب عدداً من أغانيه، وتعرف أثناء وجوده على محمد عبد الوهاب والسنباطي والقصبجي وزكريا أحمد، وارتبط معهم بصداقات منينة. كذلك تعرف على الموسيقار "أندريا رايدر" الذي أعجب بأعماله وعرض عليه توزيعها وكانت من بينها "ليالي الشتاء".


وكتب نجيب السراج" عشرات الأغاني وأولى القصيدة بنوع خاص اهتماماته، وأبرز أعماله التي غناها قصيدة "بلقيس" وقصيدة "للبوصيري" وقصيدة "المساء" لعارف تامر، وقصيدة "طلعت ليلى مع الفجر صباحاً" للشاعر يوسف الخطيب. وغنت المطربة الكبيرة الراحلة "ماري جبران" من ألحانه أغنيتين: "يا زمان" وقصيدة "الغريب".


كذلك سارت أغنيته الشعبية "فوق النخل يا سليمى" ذات الجذور الفولكلورية بعيداً، وظلت ومازالت من الأغنيات الشعبية ذات الخصوصية.


أما أغانيه الشعبية الأخرى التي حاول عن طريقها الوصول إلى مزيد من الجماهيرية فلم تلق ما لقيته أغنيته "فوق النخل" كأغنية "كرمال عيونك" وأغنية "يا بيضا يا ست الكل" التي رد كما يبدو من خلالها على الأغاني التي تتغزل بالسمراوات.


تزوج من السيدة فتحية الخيمي عندما كان في الثلاثين من عمره، ولم يرزق بأطفال.


وافته المنية في دمشق بتاريخ 18 ـ 6 ـ 2003 .


عدد القراءات: 13602