شارك
|

ميلاد الشايب رسام الواقعية السحري

تاريخ النشر : 2022-06-26

أول فنان تشكيلي سوري ينال جائزة رسمية عن عمل فني، هوالفنان الواقعي إلى حد الإعجاز والإبهار، مع نكهة إبداعية خاصة تحول دون انجراف لوحته إلى واقعية فوتوغرافية، ومصور الأيقونات السوري الأشهر في عصرنا.

 

تتجاوز أهمية الفنان المعلم ميلاد الشايب الوجه الواحد من أوجه تميزه، فهو المعلم الأكثر رسوخاً في ذاكرة خريجي كلية الفنون الجميلة منذ ستينات القرن الماضي وحتى خواتمه.

 

ولد في قبلة التشكيليين السوريين (معلولا) في عام 1918، وعاصر توفيق طارق -رائد الفن السوري- ورسم معه، وفي سن الثامنة عشرة نال جائزة برونزية من معرض عام 1936 الذي أقيم في مبنى وحدائق ثانوية التجهيز الأولى بدمشق (حالياً ثانويتا جودت الهاشمي، وابن خلدون)، بمناسبة الإفراج عن المبعدين السياسيين الوطنيين والسير في طريق الاستقلال، وكان هذا أكبر معرض عرفته المدينة قبل معرضها الدولي، عُرضت فيه بعض المصنوعات المحلية وبلغ عدد زواره 500 ألف زائر، وقد نال ميلاد الشايب ميدالية ما سُمي ذلك الوقت بصناعة الرسم اليدوي، لأنّ المعرض أساساً كان معرضاً صناعياً أُلحقت فيه الفنون.

 

درس الفنون في معهد (سوريكوف) بموسكو وتخرج منه في عام 1965، وفي عام 1968 نال جائزة الدولة التشجيعية من المجلس الأعلى للفنون والآداب، وتم تكريمه من قِبل رئيس الجمهورية مع الفنانين الرواد بميدالية ذهبية تقديراً لعطائه المميز عام 1996، وكرمه البطريرك أغناطيوس هزيم بوسام النجمة الفضية، كما تم تكريم ذكراه في الموسم الرابع لأيام الفن التشكيلي السوري العام الماضي 2021.

 

وبمقارنة صغيرة بين لوحاته أثناء الدراسة وبعدها تستطيع أن تلاحظ ثبات قوة الخط عنده، بخلاف حالات تتراجع فيها قوة الرسم بعد التخرج، ربما بحكم غياب إرشادات الأستاذ، أو غياب الأستاذ ذاته، ويمكن أن تكون تلك الإشارة دلالة على استقلال شخصيته عن شخصية أساتذته، ففي (لوحاته الروسية) نجد ذات الرسام الذي شاهدناه بعد ذلك في (لوحاته السورية). كل شيء كان موجوداً في الحالين: قوة الرسم، متانة التكوين، صحة الضوء، سلامة الألوان. الشيء الوحيد الذي اختلف هو موضوع اللوحة ومناخها اللوني، كما يبدو ما سبق في المقارنة بين لوحة مائية لموسكو تحس أعيينا فيها بالهواء المشبع بالماء، في حين تكاد أشعة الشمس تلسعنا في لوحة غير تقليدية عن معلولا.

 

ميلاد الشايب ابن معلولا الأصيل ككثير من التشكيليين السوريين، رسم بلدته الساحرة الأصيلة مراراً لكنه لم يتوقف عند فرادة مشهد بيوتها المتصاعدة على الجبل، فإلى ذلك صور حاراتها في السهل، وبيوتها المبنية على سطح الأرض، ومشاهدها عن بعد محاطة بالأشجار والجبال، صوّرها كابن لها مقيم فيها، يعرف كل مكامن سحرها، لا كزائر مبدع استوقفه السحر الأول.

 

براعة الشايب وقدرته الكبيرة تجلت أيضاً في الوجهيات (البورتريه)، غير أنّ نتاجه الإبداعي الأكثر كان في رسم الأيقونات والمشاهد الدينية، حتى تكاد لا تخلو كنيسة في دمشق أو في ضواحيها من عملٍ، أو أعمالٍ، موقعة باسمه، ومنها عدة أيقونات في معلولا تعرضت للتخريب وتم ترميمها بعد تحرير المدينة.

وفي جميع أعماله الأيقونية كان ميلاد الشايب أميناً لتقاليد مصوري الأيقونة السوريين الكبار، واستمراراً لهم، توفي الفنان في عام 2000.

 


عدد القراءات: 6721