حوار: أمين عوض
تختلط الألوان في ريشة أدهم إسماعيل، لتتحول أيقوناتٍ من الجمال والإبداع تتجلى صوراً رائعة تملئ زوايا بيته الزاخر في كل ركنٍ من الأركان بعبق الحضارة و الفن، الذي تشربه منذ نعومة أظفاره وسط عائلةٍ هي من أهم المؤسسين الأوائل للمدرسة التشكيلية الحديثة في سورية، فالوالد هو الأستاذ عزيز إسماعيل, الذي يعتبر من أهم أعمدة الفن التشكيلي السوري، الأمر الذي ساعد الطفل الأنطاكي القادم من اللواء المسلوب على تشرب وعشق الفن و الرسم.
أدهم إسماعيل الذي غادر سورية في فترةٍ ما، يتحدث لموقع "Syria In" الذي زار منزله عن تلك الأيام التي قضاها متنقلاً بين عددٍ من البلدان العربية قائلاً: "عملت في العديد من الدول بدايةً في اليمن ثم في مدينة دبي كرسامٍ، ومصممٍ للإعلان التجاري والمطبوع (الجرافيكس), وتنظيم المهرجانات وحفلات نجوم الفن، وهذا المجال اكتسبته بمجهودٍ شخصي ساعدني على التعامل مع كمٍ هائلٍ من الوكالات التجارية العالمية والعقارية، وبالرغم من ذلك كنت أجد الوقت للرسم والإنتاج الفني خصوصاً في فترة إقامتي في أرض اليمن السعيد أعاده الله سعيداً كما كان".
حسّ أدهم العالي وارتباطه الوثيق بالجذور التي جعلت منه ذلك الفنان التشكيلي الذائع الصيت دفعا به للعودة إلى سورية، فيقول :" عدت لإيماني أن الفنان ابن بيئته لا يمكن أن ينسلخ عنها، وأنا ابن سورية وجزءٌ من مائها وهوائها وترابها خلقت هنا وأموت هنا، والاغتراب كان لتهيئة وضعٍ مادي جيد قد أسميه (أساسيات الحياة)، وعندما حصلت عليه لم يتبقى لدي سوى العودة، حيث أني على عكس الجميع عدت مع بداية الأحداث وكانت إقامتي في دبي ساريةً لعدة سنوات، و لكني رفضت البقاء وعدت لأرض الوطن الحبيب".
إسماعيل الذي أمضى سنيناً عديدة في حقل الفن لاسيما التشكيلي منه، له رأيٌ فيما يجري اليوم على الساحة الفنية وخصوصاً فيما يتعلق بالقطاع التشكيلي من فن الرسم قال:" نحن في سورية نمتلك بذور الفن والإبداع، ولدينا الإمكانيات والمواهب التشكيلية الكثيرة لكن جميع تلك المواهب والبذور إذا لم تزرع في مكانها الصحيح وتتلقى العناية المطلوبة فلن تنمو وتزهر ويفوح شذاها، عموماً الفن التشكيلي بحاجةٍ لتسويق ليدر على الفنان دخلاً مادياً كريماً يساعده على الحياة ومواصلة الإبداع، ولكن للأسف فإن الذي لديه القدرة المادية على اقتناء العمل الفني ليس لديه الثقافة الكافية لفهم وتقدير ذلك العمل وبالتالي اقتنائه، هذا قبل الأحداث فما بالك بما آلت إليه الأمور بعد الحرب الشرسة على سورية".
أما عن الإنجازات الكثيرة التي حققها فناننا السوري الذي نفخر به ونعتز, يقول أدهم بتواضع الفنان ورقي المبدع:" كان معرضي الفردي الأول في المركز الثقافي الروسي بدمشق عام 1992 بدايةً لتتويج باكورة أعمالي الفنية الدراسية، كما شاركت بعمل اللوحة الفسيفسائية البانورامية الموجودة على مبنى الاتحاد العام للفلاحين التي استغرق إنجازها أكثر من عام, وعند العودة للوطن بدأت بأخذ أسلوبي الخاص بالرسم، وكانت بداية الأحداث في سورية فاقتصرت مشاركاتي على المعارض التشكيلية لوزارة الثقافة، وكانت باكورة أعمالي لوحة (آلام وطن)، التي تمثل الغزال السوري الأصيل وهو بحالة ألمٍ وحزنٍ لما حل بسورية، إلى جانب ذلك أقوم منذ عودتي بتصميم العديد من الطوابع البريدية، وأنكب في الوقت الراهن على رسم العديد من اللوحات الفنية التي تعبر وتحاكي جراح الوطن لعمل معرضٍ فني داخل أو خارج القطر".
ولمغتربي سورية يوجه أدهم إسماعيل كلمة ختامه من خلال Syria In قائلاً: "إن وطنكم بحاجةٍ إليكم، وأنتم مهما طال غيابكم بحاجةٍ إليه.. كي نعيده بعلمنا وعملنا بصورةٍ أجمل وأبهى مما كان عليه وليكون منبراً عالمياً للحضارة والفن والإبداع".