منذ سنوات، تحارب واشنطن الدولة السورية وترفض التعامل معها، لكن هل هناك فرصة للاستثناءات في ظل الظروف الراهنة بعد أن ضرب زلزال مدمر شمال سورية وجنوب تركيا، وأسفر عن مقتل الآلاف في واحدة من أعنف الكوارث الطبيعية في المنطقة منذ عقود.
جاء هذا في مقال نشره موقع «ريسبونسبل ستيتكرافت» الأمريكي الذي أشار إلى تدفق المساعدات الدولية لتركيا في أعقاب الزلزال، إذ سارعت الولايات المتحدة وعشرات الدول الأخرى لمد يد العون، بما شمل نشر فرق للمساعدة في إنقاذ الناجين الذين ما زالوا محاصرين تحت أنقاض المباني المنهارة، لكن مع سورية الوضع مختلف تماماً!
وأكد المقال أن العقوبات الأمريكية على سورية، حتى قبل وقوع الزلزال المدمر، تعرقل جهود إعادة الإعمار وتلحق مزيداً من الألم بالسوريين، بما في ذلك إعادة إعمار محطات الطاقة والمدن المدمرة، الأمر الذي فاقم البؤس في البلاد وأبطل أي فرصة للتعافي.
وقال المقال: والآن، تشكل هذه العقوبات نفسها عقبة خطيرة أمام جهود إغاثة منكوبي الزلزال، ويجب على الولايات المتحدة أن تتحرك بسرعة لتعليق أو رفع أكبر عدد ممكن منها حتى تتمكن وكالات الإغاثة والحكومات الأخرى في المنطقة من المساهمة بمعالجة محنة الشعب السوري.
ولفت المقال إلى أن إدارة بايدن لم تُظهر حتى اللحظة أي ميل للتراجع عن سياستها، وكذا لم تقم بالتواصل مع الدولة السورية لتنسيق وصول المساعدة الإنسانية للمنكوبين، ما ينذر باشتداد محنة السوريين، ويعكس عدم منطقية السياسة الأمريكية تجاه سورية.
ورأى المقال أن موقف إدارة بايدن لم يكن مفاجئاً بقدر ما هو مؤسف، إذ إن ما تتذرع به واشنطن ليس عذراً لحرمان المنكوبين من الإغاثة، وخاصة عندما يكون بإمكانها تمهيد الطريق لمساعدتهم.
وأضاف المقال: صحيح أن الإدارة الأمريكية اتخذت خطوات صغيرة لمعالجة الضرر الإنساني الذي تسببه عقوباتها، لكن اللوائح الجديدة التي أعلنتها وزارة الخزانة الأمريكية في نهاية العام الماضي لم تقترب قيد أنملة من الحد الكافي الذي من شأنه مساعدة السوريين حقاً وإصلاح الخلل الرئيس الذي يعتري العقوبات الواسعة، أي إنها تلحق الضرر بالشعب السوري بأكمله وبعشوائية تحت ذريعة “المساءلة عن مخالفات الحكومة السورية وحلفائها”.
وتابع المقال: “بلا جدوى” هو أحد الأوصاف الأكثر شيوعاً التي استخدمها النقاد لوصف ما يسمى بـ”قانون قيصر” الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2020. وفي حين أن العقوبات الواسعة والتهديد بفرض عقوبات ثانوية على أي شخص يتعامل مع قطاعات كاملة من الاقتصاد السوري ألحق أضراراً جسيمة بالسوريين في السنوات القليلة الماضية، فإنه لم يعزز ولا بأي شكل المصالح الأمريكية! شأنه في ذلك شأن أي نسخة أخرى من عقوبات “الضغط الأقصى” الاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة على الدول غير المذعنة لسياساتها.
واستشهد المقال بما قاله الصحفي ماثيو بيتي الذي أشار إلى وجود اختلافات بين الاستجابة الحالية للكوارث في سورية وبين حالات طوارئ مماثلة شهدتها عقود سابقة، حيث تجاوزت مساعي الإغاثة في السابق الانقسامات السياسية، بل ساعدت في إصلاحها، فمنذ أواخر الثمانينيات حتى أوائل القرن الحادي والعشرين، مد الخصوم السياسيون أيديهم لبعضهم البعض مرات عديدة خلال أوقات الكوارث الطبيعية الشديدة.
وفي حين أن واشنطن مترددة حتى في التلميح إلى تطبيع العلاقات مع الدولة السورية بعد أكثر من عقد من العداء، فإن المقال يشدد على ضرورة استثناء الإدارة الأمريكية للظروف الراهنة، التي تعكس احتياجات إنسانية شديدة، وترفع العقوبات عن السوريين، بما من شأنه أن يزيل عقبة رئيسة أمام الإغاثة والتعافي وإعادة الإعمار في الأشهر والسنوات المقبلة.
يشار إلى أن المقال لم يخلُ من بعض الأكاذيب التي اعتدناها والتي روّجت لها وسائل الإعلام الغربية على مدار السنوات الماضية، لكنه تحدث عن قسوة العقوبات المفروضة على السوريين وعن معاناتهم في الوقت الحالي والسابق، بل دعا إلى ضرورة رفعها وهو ما استوجب نقله ونشره.
عن موقع «ريسبونسبل ستيتكرافت» الأميركي
ترجمة تشرين