يعد سوق الحميدية من أهم وأشهر أسواق دمشق القديمة وأجملها على الإطلاق. وهو أحد الأسواق العتيقة التي تم إنشاؤها في القرن التاسع عشر الميلادي على الطريقة الرومانية القديمة، ويعد ملتقى السياح والزائرين من كافة بقاع الأرض.
يقع فوق الخندق الجنوبي لقلعة دمشق بين باب النصر وباب البريد، ويعتبر أكبر سوق مركزي في سورية، حيث يبلغ طوله 600 متر ويصل عرضه إلى 10 أمتار، وهو مغطى بسقف من الحديد والتوتياء على حوامل نصف دائرية معدنية، وهذا السقف مليء بالثقوب الصغيرة التي تسمح بمرور ضوء الشمس أثناء النهار ومبلط بالبازلت الأسود.
وصف سوق الحميدية
يبدأ سوق الحميدية في منطقة "الدرويشية" وذلك عند نهاية شارع النصر مع شارع الثورة ويمتد لمسافة تقارب الميلين، يقع الجزء الأول منه بجوار قلعة دمشق ويحتوي على العديد من المباني التاريخية العريقة والمساجد.
وينتهي عند بوابة معبد جوبيتر الدمشقي وأعمدته الباسقة، ومنه إلى الساحة أمام الجامع الأموي في قلب المدينة القديمة.على جانبيه تصطف مختلف المحلات التجارية، ومن كل صنف ونوع على طابقين وتتفرع منه أسواق كثيرة.
تاريخ سوق الحميدية
تم بناء السوق بشكله الحالي في عهد السلطان عبد الحميد الأول عام 1780م، وأخذ اسمه الحميدية من أيام ذلك السلطان العثماني، يتميز سوق الحميدية بتاريخه العريق، فهو من أشهر الأسواق التراثية في الشرق، ولا تكتمل زيارة الشرق إلا بزيارته، وقد ذكره الرحالة كثيرا في زياراتهم لسورية والشرق.
ومن المؤسف ذكره أنه في تاريخ 27 نيسان 1912م اندلع حريق كبير في هذا السوق وانتشر بشكل كبير، وذلك بسبب السقف الخشبي الذي كان يغطي السوق، وقد أتى الحريق على أغلب محلات سوق الحميدية، وأدى إلى مقتل وجرح العشرات، وخسائر مادية قدرت بعشرة ملايين دولار.
وبسبب هذا الحريق الكبير تقرر استبدال السقف الخشبي بآخر من التوتياء درءا لخطر الاحتراق من جديد.
يعتبر سوق الحميدية سوق شامل، حيث تتواجد فيه كافة أنواع البضائع والمستلزمات من كل صنف ولون، وأهمها الصناعات التراثية مثل المصدفات والأرابيسك والمصنوعات النحاسية والأقمشة بكافة أنواعها الحريرية والقطنية والمطرزات وكافة أنواع الملابس الجاهزة وأدوات الزينة والأحذية والديباج والمفروشات والسجاد والذهب والتحف والهدايا والتراثيات.
معالم سوق الحميدية
يمتد سوق الحميدية وصولا إلى سوق الكتب والقرطاسية والذي يدعى سوق "المسكية" حتى يصل إلى أعمدة معبد جوبيتر الدمشقي، وهو معبد وثني إغريقي قديم لم يبق منه إلا أعمدته الرخامية الضخمة الجميلة المرمرية والمزينة بزخارف رخامية، وبوابة أثرية متصلة بساحة يعتقد أنها كانت فناء للمعبد الذكور.
ويتميز سوق الحميدية بتواجد عدد من الأوابد الأثرية والتاريخية على محيطه، فعلى يمينه تقع قلعة دمشق الشهيرة التي يتقدمها تمثال صلاح الدين الأيوبي، وقبل أن يصل الزائر إلى أعمدة جوبيتر الضخمة يشاهد يسارا صرحا ثقافيا كبيرا وشاهدا حيا على أن دمشق هي أهم حاضرة من حواضر الثقافة والعلم والمعرفة ألا وهو المكتبة الظاهرية...
وتجد أيضا العديد من الجوامع والمساجد القديمة والمباني التاريخية الهامة.
ولاشك أن الزائر يشاهد محطات التاريخ ويشتم رائحة عبقه عند تواجده في هذا المكان ورؤيته لمظاهر هذا التراث العريق.
الأسواق المتفرعة عن سوق الحميدية
يتفرع عن سوق الحميدية أسواق كثيرة، وهي مهنية تخصصية يعرف كل سوق منها حسب مهنته وتخصصه نذكر منها:
- سوق مدحت باشا وهي سوق طويلة مسقوفة بناها الوالي العثماني مدحت باشا.
- سوق البزورية وفيها يباع كل شيء يتعلق بالأغذية والحبوب والبذورات المجففة إضافة إلى السمنة العربية والزيوت والبهارات.
- سوق الحريقة المتخصصة بالأقمشة.
- سوق الخياطين.
- سوق الصاغة للذهب.
- سوق العرائس المتخصصة بلوازم الأعراس ويسميها السكان سوق "تفضلي".
- سوق المناخلية.
- سوق العصرونية.
- سوق القباقبية.
- سوق السروجية (صناع سروج الخيل).
- سوق الحرير.
- سوق الطويل.
- سوق المسكية.
- سوق القيشاني الذي تباع فيه الكلف والأزرار وسواها.
- سوق الصوف لبيع الأصواف ومشتقاتها.
- سوق القطن.
- سوق العبي للعباءات العربية التي تشتهر بها مدينة دمشق.
البوظة الدمشقية في سوق الحميدية
وأخيرا لايمكننا الحديث عن سوق الحميدية دون ذكر المثلجات الدمشقية الشهيرة "البوظة العربية" والمصنوعة بأسلوب فريد متخصص ومميز منذ أكثر من 100 عام. ولا يذهب زائر إلى سوق الحميدية دون أن يتم سؤاله عند عودته إذا قام بتناول البوظة أم لا. ومن المحلات المعروفة منذ نهاية القرن التاسع عشر محلات "بكداش" حيث تقوم يوميا باستقبال آلاف الزوار.
رزان محمد