شارك
|

مدرج بصرى إرث حضاري ثقافي هام وعبق من تاريخ الرومان

تاريخ النشر : 2023-05-03

مدرج  بصرى أو مسرح بصرى يقع في قلعة بصرى الأثرية، في مدينة بُصْرَى وهي مدينة تاريخية تابعة لمحافظة درعا في سوريا ويتوضع خارج مركز المدينة القديمة وإلى جنوبها.

 

 

تشير أغلب الدراسات أنه تم بناء المسرح عندما اغتنم الرومان فرصة وفاة الملك النبطي "رابال الثاني" وقاموا بضم المدينة والمقاطعة إلى الإمبراطورية الرومانية، لتصبح مدينة  بصرى عاصمة للولاية العربية التابعة للإمبراطورية الرومانية، ويرجح أن المسرح بني ما بين عامي 117-138م خلال فترة الإمبراطور هادريانوس.

 


يعد مدرج  بصرى من أكبر المدرجات الأثرية وأجملها وقد حافظت الأبنية التاريخية في المدرج على معظم أقسامها. يتسع لأكثر من (17,000) متفرج على المدرجات، ويتسم بكثرة المداخل حيث يمكن للمتفرجين كلهم الخروج من المدرج خلال 10 دقائق.
يعتبر مدرج  بصرى من المعالم الأثرية السورية الهامة حيث تقام عليه فعاليات مهرجان بصرى الدولي والذي تشارك فيه عدد من الفرق الفنية والتراثية السورية والعربية والعالمية.

 

 

الاكتشاف والتنقيب لمدرج بصرى


لم يكن مدرج بصرى بحاجة للاكتشاف فقد بقي ظاهرا منذ بنائه حتى وقتنا الحاضر ولكن من الطبيعي أن يتعرض لبعض التخريب و التغيير عبر العصور المختلفة.
بدأت الأعمال الأثرية عام 1930م خلال فترة الاستعمار الفرنسي للمنطقة وفي نهاية عام 1940م قامت أعمال الكشف عن مدرجات المسرح ومنذ الاستقلال تابعت المديرية العامة للآثار والمتاحف الأعمال بمشاركة البعثات الغربية وذلك للكشف عن كامل المسرح حتى عام 1970م وبعد 5 سنوات تم افتتاح متحف داخل قلعته.

 


بناء مدرج بصرى


يعد مدرج بصرى (مسرح بصرى)من المسارح الرومانية القليلة التي حافظت على نفسها بصورة متقنة حيث يعتبر المثال الوحيد في العالم الذي يحتفظ حتى الآن ببعض أعمدة الرواق والأفاريز التي تعلوها وهي من الطراز الدوري والكورنثي.

 

 

تم تصميم المسرح بأسلوب المسارح الرومانية، فهو قائم على أرض مستوية واستدارته نصف دائرة حسب النموذج الهلنستي، حيث تم تشييده بالحجر البازلتي المحلي، ويبلغ قطر الحجر المستخدم 102 متراً، وطول منصة التمثيل 45.5 متراً، وعمقها 8.5 متراً، وخلف المنصة واجهة مزينة بثلاثة طوابق من الأعمدة المنحوتة حسب الطراز الكورنثي، ومزينة بمحاريب لاستيعاب التماثيل. وخلف جدار المسرح يوجد ممر مؤلف من طابقين معد لانتظار الممثلين.

 

 

يبلغ ارتفاع المسرح 22 متراً . تخترق المنصة أبوابٌ تؤدي إلى الكواليس، وفي الجدارين الجانبيين حول المنصة شرفات كان يجلس عليها حاكم الولاية وكبار الرسميين والزوار.يصل الباحة بالخارج ممران معقودان من اليمين واليسار بالأعمدة الدورية، ومنصة التمثيل عريضة وقليلة الارتفاع نسبياً، ووراء الجدار الغربي للمنصة باحة مكشوفة للاستراحة.

 

 

أما بالنسبة للمقاعد فنجد في المدرج 37 صفاً من المقاعد المتصلة، منها ما هو مخصص للشيوخ، وآخر للفرسان، والطبقة الوسطى. ثم ممر تليه 5 صفوف للعامة، وتوصل إلى المستويات الثلاثة أدراج صاعدة تحت ممرات معقودة تسمح بالدخول والخروج خلال عشر دقائق.
وكان المشاهدون يرون ويسمعون كل ما يجري في باحة العرض بوضوح.

 

 

وقد تحول هذا المسرح إلى قلعة (قلعة بصرى) فيما بعد. ويرجح أن التحصينات الأولى حول المسرح بدأت خلال العصر العباسي. وفي العصر الفاطمي بنيت ثلاثة أبراج ملاصقة للجدران الخارجية الشرقية والغربية والشمالية. وفي زمن الحروب الصليبية بنى الملك العادل الأيوبي وأولاده تسعة أبراج محيطية ومستودعات ضخمة وخزان مياه، ليصبح المكان قلعة تامة، وأحيطت هذه القلعة بخندق، وتم حصر الدخول إليها بمدخل واحد يتم الوصول إليه عبر جسر خشبي.

 

 

عروض مدرج بصرى (المسرح)


أما بالنسبة للعروض، فيعتقد أن الرومان قد أدخلوا عروضا أدبية وكانت تتم باللغة اليونانية واللاتينية وتندرج في قالب كوميدي أو تراجيدي، وتشير آخر الدراسات أنه كان هناك حصة كبيرة للعروض الدينية التي تقام على أرض هذا المسرح وكانت مترافقة بالموسيقى والرقص.
وما تجدر الإشارة له أنه لم يتم العثور على أية دلائل تشير إلى استخدامه لعروض مصارعة الحيوانات كما هو الحال في مسرح تدمر.

 

 

أقسام مدرج بصرى


يتألف المدرج من ثلاثة أقسام رئيسية يفصل بينها ممر عريض، إلى يمينه ظهر المقاعد التي تشكل حاجزا بين كل قسم وإلى اليسار الأبواب التي يدخل منها المتفرجون وهناك صالة علوية تستند إلى أعمدة من الطراز الدوري بقي عدد منها قائمًا وعند النزول من المدرج إلى المسرح يوجد ثلاثة أبواب. وحسب التقسيم قديمًا لهذه الأبواب كما يلي:

 

الباب الأول للزائرين أو للمسافرين.
الباب الثاني لسكان المدينة.
الباب الثالث للطبقة العليا.

 

 

إن مدينة  بصرى إحدى المدن الهامة في العالم والمؤرخة على العصر الروماني، وما المسرح إلا أحد مباني المدينة الذي يقدم صورة جلية عن أهميتها وروعتها ومكانتها في تاريخ المشرق العربي سواء في العصور القديمة أو الوسطى.
ولا يزال هذا الإرث الحضاري مثله مثل غيره من الأماكن الأثرية الموجودة يضفي جمالا لبلدنا الحبيب ويؤكد أن سورية كانت ولا زالت درة الشرق وعاصمة الثقافة والإبداع على مر العصور.

 

رزان محمد



    

 


عدد القراءات: 7261

اخر الأخبار