تقرير: المعتصم خربيط
إن واحداً من أكثر الأمور إثارة في العام الحالي هو الحديث عن أن تنظيم "داعش" الإرهابي قد قرر افتتاح معهد سينمائي لتدريس كافة العلوم السينمائية من تصوير وإخراج وسيناريو وخدع بصرية ورسوم متحركة وغيرها، وبحسب مواقع إعلامية مطلعة فإن "داعش" قد تمكنت من إحضار أفضل أنواع الكاميرات والمعدات السينمائية بالإضافة إلى أكاديميين من الولايات المتحدة سيقومون بتدريس الطلاب المستجدين لدى المدرسة "الداعشية".
إن كانت "داعش" قد دخلت إلى عالم السينما فليس غريباً أن تدخل السينما إلى عالم "داعش"، حيث بات التنظيم الإرهابي يفرض نفسه أيضاً على الأعمال الفنية في سورية، وعلى رأس القائمة يأتي خبر انتهاء المخرج السوري نجدت أنزور من تصوير مشاهد فيلمه "داعش فانية وتتبدد"، الذي كتبه بالمشاركة مع هالة دياب، وأعدت له السيناريو ديالا كمال الدين، ويليه مباشرة المخرج باسل الخطيب وفيلمه الجديد "الأب" الذي يرصد قضية التنظيم الإرهابي وإجرامه في سورية.
وتخرج دائرة الاهتمام من سورية لتصل إلى العراق مع فيلم "تحت رمال بابل" للمخرج العراقي محمد الدراجي، والذي لاقى الكثير من ردود فعل مختلفة من نقاد مهرجان الفجر السينمائي الدولي في طهران، ولم تكن إيران أيضاً بعيدة عن إقحام "داعش" في إنتاجها السينمائي، حيث أطلق المخرج الإيراني حميد عبد الله زاده فيلمه السينمائي الوثائقي "الإيرانيون المرتدون" الذي يصور جرائم التنظيم "الداعشي" في العراق من خلال مقابلة أجريت مع "الداعشي" الذي تم أسرته فصائل المقاومة العراقية، وقال مخرج الفيلم "إن الشعب الإيراني لا يعرف لماذا تتحمل إيران نفقات مواجهة هذا الإرهاب في الدول العربية، ومن جهة أخرى هناك قنوات فضائية تضخم هذه النفقات وتقول على سبيل المثال إنه كان من المفترض أن يتم اجتثاث الفقر في إيران بعد الثورة ولكن يتم حالياً إنفاق الأموال واستخدام الإمكانيات في دول أخرى، أردت في هذا الفيلم الوثائقي أن أبيّن خطر وتهديد هذه الزمر الإرهابية، وسبب هذه التكاليف التي تتحملها إيران، وأقول إن إيران تدافع عن نفسها في مواجهة داعش".
وفي السياق ذاته أنتجت إيران أيضاً فيلم "أغانٍ من وطني" الناطق باللغة العربية، ويروي قصة حب وقعت في خضم الأحداث التي يقف وراءها "داعش"، حيث يتحدث عن غرام يربط بين شاب مسلم وفتاة مسيحية يرمي الإرهاب "الداعشي" بظلاله على العلاقات بينهما، والفيلم من إخراج عباس رافعي وإنتاج هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيراني الحكومي، وشارك في التمثيل ممثلون من كل من لبنان وسوريا ومصر، وتم تسجيل الكثير من مقاطع الفيلم في الجنوب اللبناني فيما صورت مقاطع أخرى في منطقة رباط كريم الإيرانية.
ولا تقف الأعمال التي تتناول تنظيم "داعش" عند هذا الحدّ، بل وصلت إلى التجارب الطلابية ومشاريع التخرّج، حيث يصوّر سدير مسعود فيلماً سينمائياً بعنوان "كرامة"، سيكون مشروع تخرّجه من قسم الإخراج في "الجامعة اللبنانية الدولية"، ويتناول فيه الأوضاع الإنسانية في سورية، كذلك يعرّج بشكل صادم على اقتحام "تنظيم داعش" لإحدى المناطق، ثم يسلّط الضوء على الممارسات التي يرتكبها هناك.
ويبقى الملاحظ في هذا الملف أن الدراما والسينما الخليجية المعروفة بقوتها في الإنتاج وضعفها في الأداء لم تتطرق إلى إرهاب "داعش" إلا فيما ندر عبر بضع لوحات درامية قصيرة أو تلميح في فقرة كرتونية إعلامية، فيما يستهجن نقاد سينمائيون عدم دخول منتجين سعوديين مثلاً إلى هذا المعترك لمواجهة الخطر الإرهابي "الداعشي" الذي بدأ يتمدد في السعودية، وعدم إقدامهم حتى على إنتاج أعمال مشتركة مع دول أخرى عربية أو غير عربية في سبيل مكافحة الإرهاب، ويتوقع أن يكون تبرير هذا التقصير هو الهروب من مواجهة المجتمعات الخليجية التي بدأ ينتشر الفكر الإرهابي الوهابي بين أبنائها بكثرة مما قد يسبب للمنتج أو المخرج مشاكل مجتمعية وربما سياسية أمام الأنظمة والمشيخات الحاكمة لدول الخليج.