شارك
|

الدبكة السورية.. تراث الفلكلور السوري

تاريخ النشر : 2016-01-25

تقرير: لبانة علي


لا يمكن صبغ قوس قزح باللون الأسود، كذلك هي سورية في تنوعها الحضاري والثقافي والإنساني الذي يمتد سبعة آلاف عام قبل الميلاد، عشرات الحضارات توزعت على أنحاء الأراضي السورية، مثل الحضارة الآرامية، والآشورية، والسريانية والفينيقية والكنعانية والسومرية، إضافة إلى التراث الكردي والأرمني والشركسي، هذه الحضارات أغنت سورية عبر العصور بتاريخ عريق، تمثل بالآثار المنقولة وغير المنقولة، والتراث المادي واللامادي التي تشكل مجتمعةً الهوية السورية الحقيقية المتصلة منذ الأزل. فكان لابد لأبناء سورية نقل هذا التراث عبر الأجيال والحفاظ عليه .


"فالدبكة" هي جزء من الفلكلور الشعبي السوري، وتحتل مكانةً هامة بين أنواع الرقص الشعبي، حيث يعتبر هذا النوع من الرقص متنوعاً بنتيجة التنوع الطبيعي الذي تزخر به البيئة السورية بين الساحل والداخل وفي السهل والجبل مروراً بالأرياف والمدن والبادية لاسيما أن الدبكة اقترنت بالموضوع الشعبي كاحتفالات الأعراس والمناسبات الاجتماعية والقومية ليختص هذا النوع من الرقص بجماعيته وحيويته وأصالته الفنية.


ويصنف الباحث والشاعر وجيه وهبة الخوري الدبكات السورية في ثمانية أنواع «الدبكة الغربية، اللوحة، النسوانية، الطبيلة، البداوية، الدندشية، النشلة، العثمانية» وتجسد الدبكة مواضيع شعبية عديدة، مثل الحصاد وقطف الزهور والنجارة وقطاف القطن والزيتون وغيرها.


وتنشد خلال الدبكة الأغاني الشعبية المشهورة كأغنية الدلعونا وظريف الطول، وهي ليست أغان ثابته بل هي على الأكثر لأزمات معروفة ومشهورة من أغاني "الحداء" وهو نوع من أنواع الزجل، يقوم المغني بغناء اللازمة وأبيات على وزن الحداء و يتكون كل مقطع من بيتين صدر وعجز، يبقى فيه صدر وعجز البيت الأول وصدر البيت الثاني على نفس القافية بينما يكون عجز البيت الثاني على وزن اللازمة، مثال:


اللازمة:     ويلي دلعونا ويلي دلعونا .. راحوا الحبايب ما ودعونا

المقطع: يا أرض بلادي يا بعد روحي .. عنك ما أتنازل والله وما بروح
        ولو قطعوني وما داوو جروحي .. ع ترابك باقي وما أرحل من هونا


وبما أن مغني الدبكة في الأعراس الشامية هم في العادة شعراء زجل، فإن مواضيع الغناء في الدبكة تبقى ارتجالية ويمكن لشاعر الزجل أن يتطرق لأي موضوع من مواضيع الحياة وأحوالها فيمكن أن يتناول شعره مواضيع الغزل والحب وحتى المواضيع الوطنية واليومية.


ويعرف مدرب الرقصات الشعبية "عدنان منيني" الدبكة بأنها اسم أطلق على مجموعة من الخطوات والحركات المتسلسلة مع ضربات أقدام منظمة يشارك الجسم بها للتعبير عن حيوية الشباب ونعومة الفتيات وأنوثتهن في عفوية حلوة وبراءة فطرية حيث ترافق ضربات الأقدام نقرات "الطبل والبزق والبنجير".


ورقصات الدبكة السورية عبارة عن رقص مشترك بين جمهور يقوم بتمثيله مجاميع الشبان والشابات أيام الأعراس والمواسم يشترك فيه من يشاء ممن يحسن القيام بحركاته وسكناته وله إلمام بجميع أنواعه وايقاعاته.

 

كما يقوم في وسط حلقة الدبكة شاب يحسن النفخ في "المزمار" أو "الشبابة" أو شاب يتقن قرع الطبل فيطلب "القيدة" قائد الدبكة من ضارب الطبل أن يدبكه للدبكة العربية فيفتتحها بالإيقاع المطلوب ليلحق به "السندة" الدبيك الأول بنقل الرجلين وحركة الجسم بضبط وإتقان ليكون قدوة للشباب الذين بعده في خطواته الموزونة وتنقلاته المتقنة.


ويتخذ الشباب هذا النوع من الرقص الشعبي الفطري مدعاةً للفخار بنسبهم وشبابهم وتفننهم الحركي عبر براعتهم في الرقص الخالي من الخلاعة والتهتك معتمدين على الدبكة كنوع من الرياضة البدنية تارةً لمباراة الأدباء والقوالين الشعبيين وتارةً للتلذذ بأقوالهم ومأثورتاهم فيما تتخذ النساء من الدبكة مناخاً للرقص والغناء والطرب حيث تقسم دبكات الشباب إلى أنواع عدة أهمها "العشارية" .."العرجاء" .."الشرقية" .


عدد القراءات: 21184

اخر الأخبار