تشهد كلية الهندسة التقنية بجامعة طرطوس إنجاز بحث علمي نوعي في مجال الطاقات المتجددة يعتمد على التقانة الحيوية في معالجة زيت الجوجوبا لاستخدامه في تشغيل محركات الديزل، وهي طريقة حديثة لم يسبق اعتمادها.
عنوان البحث "تحسين الخصائص التشغيلية لزيت الجوجوبا لاستخدامه في محركات الديزل"، ويشرف عليه د.علي علي (مشرف رئيسي) ود.ميساء شاش (مشرف مشارك)، وهو لطالب ماجستير الطاقات المتجددة المهندس حسان عروس، حيث يهدف فريق البحث إلى تحسين خصائص زيت الجوجوبا لاستخدامه في تشغيل المحركات بوصفه وقودا حيويا متجددا، بخلاف الوقود الأحفوري والذي تشير التوقعات إلى احتمال نضوبه بشكل متسارع في ظل ازدياد الاستهلاك العالمي له.
في حديثه حول البحث، يؤكد الطالب الباحث أهمية استثمار الطاقات المتجددة كالشمس والرياح والمياه والكتلة الحيوية ومنها نبات الجوجوبا الذي ينمو في المناطق الصحراوية، والذي تم استيراد بذوره وزراعته في سورية لأغراض بحثية، حيث حالت ظروف الحرب دون إمكانية زراعته في البادية ، فتمت الزراعة بنجاح في مشتل الثورة بطرطوس.
وعن خطوات الدراسة التي قام بها الفريق، يوضح الباحث أنه تم جمع بذور النباتات واستخلاص الزيت منها عن طريق المذيبات والعصر، واعتماد طريقة العصر فيما بعد ، ثم المعالجة باستخدام خلاصة حيوية، وهي عبارة عن مادة سائلة تحتوي كائنات دقيقة نافعة مولَّدة طبيعيا، مبينا أن هذا الأسلوب غير مسبوق عالميا، فالأسلوب الشائع يعتمد معالجة الزيت كيماويا من خلال (الأسترة).
ويشير إلى أن معالجة الزيت بهذه التقنية الجديدة أدت إلى تحسين خصائصه، حيث جرت دراسة الخصائص الفيزيائية للزيت المعالج لاختيار نسبة المعالجة الأمثل، ثم إضافته إلى وقود الديزل بنسب مختلفة لاختيار نسبة المزج الأفضل، التي أعطت بدورها خصائص وقود مطابقة للمواصفات القياسية السورية فيما يخص الديزل، إذ اتضح أن نسبة 82 بالمئة من وقود الديزل مقابل 18 بالمئة من الزيت المعالج، حققت الخصائص الافضل للاستخدام في المحرك.
وعن الجدوى البيئية للبحث، يؤكد الطالب أن تركيبة الوقود الناتج أظهرت انخفاضا في نسبة الانبعاثات الغازية الملوثة (CO و CO2) وكذلك في نسبة الكبريت بنسبة 85 في المئة، ما يحافظ على المحرك ويقلل من اهترائه.
أما عن الجدوى الاقتصادية، فتتمثل في الانخفاض الملحوظ في معدل استهلاك الوقود والإمكانية اللامحدودة لاستثمار الجوجوبا باعتباره نباتا غير غذائي، وبالتالي لا يؤثر استخدامه على الامن الغذائي، كما ان المساحات الصحراوية التي يمكن أن ينمو فيها ليست أراض زراعية أساسية، فضلا عن كونه لا يحتاج إلا كميات محدودة من الأمطار ويعمر نحو 150 عام، لافتا إلى أن الخلاصة الحيوية التي تمت إضافتها كانت قليلة جدا، ومع ذلك ادت الى خصائص جيدة بدرجة كبيرة حيث تم الاستغناء عن استخدام المذيبات والتجهيزات المطلوبة للمعالجة بطريقة الأسترة.
ويوضح أن البحث استغرق عامين ونصف، منها عام تقريبا لاستخراج الزيت من البذور بنسبة 42 بالمئة وهي نسبة ممتازة.