تقرير: المعتصم خربيط
لم يعد شهر رمضان الكريم شهراً غريباً عن القارة الأوروبية، فعدد المسلمين في دول تلك القارة في ازدياد دائم سواء عن طريق الهجرة غير الشرعية أو الهجرة الشرعية أو المهاجرين المسلمين الأوائل، أو حتى معتقي الدين الإسلامي من أبناء الدول الأوروبية أنفسهم.
وقد تمكن الإعلام عبر التكنولوجيا الحديثة من إيصال كافة المعلومات حول رمضان وصيامه وعاداته التي تهم الأوروبيين غير المسلمين، الأمر الذي ساعد الجاليات العربية في الاندماج بسهولة في المجتمع الأوروبي وساعد الأوروبيين أيضاً في احتواء ثقافة جديدة بعيداً عن التشويه المتعمد الذي مارسته المنابر التكفيرية المدعية للإسلام.
يحاول المسلمون في أوروبا هذا العام التغلب على طول ساعات الصوم بممارسة الشعائر الدينية والتواجد في التجمعات المختلفة للجاليات المسلمة، حيث يصوم المسلمون في بريطانيا وأوروبا هذا العام أطول رمضان من حيث عدد ساعات الصيام منذ 33 عاماً.
فيما تشهد أيضًا دول مثل السويد والدانمارك صيام المسلمين ساعات أطول عالمياً بينما تشهد دول أخرى مثل الأرجنتين والبرازيل وأستراليا صيام المسلمين ساعات هي الأقل على مستوى العالم.
وسيصوم المسلمون في الدانمارك نحو 21 ساعة يوميًا، بينما يصوم مسلمو أيسلندا والسويد والنرويج نحو 20 ساعة يوميا بينما يصوم مسلمو بلجيكا وهولندا نحو 18 ساعة ونصف الساعة يومياً.
وفي العاصمة البريطانية لندن يتراوح موعد أذان الفجر حوالي الساعة الثانية وخمس وأربعين دقيقة حسب وسائل تحديد مواقيت الصلاة المختلفة بينما يتراوح موعد أذان المغرب حول الساعة التاسعة وخمس عشرة دقيقة.
أصبح من المألوف للمواطنين الأوروبيين ملاحظة التغيير الكبير الذي يطرأ على سلوك وعادات زملائهم في العمل وجيرانهم من المسلمين خلال شهر رمضان المبارك من حيث المأكل والمشرب أو من حيث اللقاءات الأسرية والعبادات الجماعية، ولم يعد يخفى على معظم الأوروبيين بدء الشهر وانتهاؤه الذي تُخصص له وسائل الإعلام جزء من تقاريرها الإخبارية، وتنتهز الجهات الرسمية فرصة شهر رمضان لإطلاق مبادرات للتقريب بين المهاجرين والمواطنين الأوروبيين المسلمين من أجل الحوار ومحاولة القضاء على الأفكار المسبقة عند الجانبين.
كما تقوم الكثير من الأسواق أو المراكز التجارية التي تنظم حملات خاصة بشهر رمضان، بصفِّ المنتجات الحلال التي يستهلكها المسلمون على رفوفِهم قبل الشهر الكريم.
وتظل قضية تعدد الأديان والثقافات في المجتمعات الغربية من أهم القضايا التي يدور الحديث عنها، ومع حلول شهر رمضان بدأ المسلمون في بريطانيا بأداء شعائر الشهر الفضيل ورغم تركز المسلمين في وسط العاصمة لندن إلا أنك تستطيع ملاحظة مظاهر رمضان في أكثر من مدينة وضاحية، يتعايشون مع مجتمع مختلف ولكنه يحاول ضمان حقوق الجميع، ولأن غالبية البريطانيين يدينون بالمسيحية تتناسب العطل وأوقات الدوام مع أعيادهم، إلا أن بعض المؤسسات في بريطانيا اتخذت عدد من الإجراءات آخذة في عين الاعتبار أوقات الإفطار.
يعيش صائمو شهر رمضان ما يشبه الاحتفالية الكبرى على مدار 30 يومًا في أوروبا، حيث تجتمع الجاليات العربية المسلمة في المساجد الكبيرة وتقوم النساء بإعداد الأطباق الرمضانية والحلوى فيما ينتشر في باحات المساجد الخارجية بائعو المأكولات والمشروبات الشرقية التي تحل بديلاً عن البيتزا والمعكرونة والبرغر والهوت دوغ والمأكولات السريعة.
كما تنتشر في الأحياء العربية محلات بيع التمور والحلوى العربية بأنواعها والبخور، والأطعمة التقليدية والخبز العربي.
ويقبل الصائمون على تناول المشروبات الرمضانية كالتمر الهندي والعرق سوس وقمر الدين والجلاب وغيرها من المشروبات التي يشتهر بها الشهر الكريم في الشرق العربي، كما يزداد الإقبال على تناول المأكولات الشرقية كذلك كالأرز والشاكرية والمقلوبة والملوخية والمحاشي والمقبلات وعلى رأسها الفتات والفول المدمس.
وبين سعادة الأوروبي بتجربة ثقافة جديدة لمدة شهر كامل وبين حنين العربي إلى عاداته وجذوره يمضي شهر رمضان الكريم بفارق الزمن وفارق المسافة بين المشرق والمغرب، ولا يبقى للصائمين المغتربين إلا التغلب على فراق الوطن بالصلاة والتضرع للسماء.