شارك
|

طعم العيد في سورية ...غير

تاريخ النشر : 2016-07-09

خاص - أمين عوض

 

لكل شيءٍ في بلدي طعمٌ و لون, كيف لا و إن كان الوطن وطناً كسورية يضفي شيئاً من السحر و الألق, لكل الأشياء التي تراها عاديةً في بقاعٍ عدة من العالم, الذي يصفه البعض بالمظلم بعيداً عن مركز الكون , دمشق الياسمين. 

 

موقع المغترب السوري نزل للشارع, خلال أيام عيد الفطر السعيد التي انتهت البارحة, و كان له لقاءاتٍ عدة مع أناسٍ  عبروا عن سعادتهم بمشاركة أحبابهم العيد على أرض البلد الأغلى , سورية.

 

داني الحسن مغتربٌ سوري يعمل في دولة الإمارات العربية, جاء دمشق في الليالي الأولى لرمضان, التقيناه في حي الجزماتية يتناول وجبةً دسمة من (القشة) و أفراد أسرته يقول:" لقد أتيت الشام في الأيام الأولى للشهر المبارك, بهدف مشاركة الأهل و العائلة تلك الطقوس الجميلة التي اعتدنا عليها عندما كنا أولاداً, و ها أنا اليوم أشاركهم فرحة العيد قبل أن أحزم حقائبي عائداً إلى عملي".

 

يتابع داني مع تنهيدة :" ليت هذه الأيام لا تنتهي فللعيد هنا في سورية, و في دمشق تحديداً طعمٌ و رونقٌ خاص, لم و لا أعتقد أني سأشعر به في أي مكانٍ ثانٍ في العالم".

 

 

أبو محمد, و هو فوال  في حي ساروجة الدمشقي, يحدثنا و هو يعد العديد من الأطباق المتنوعة للزبائن, الذين يكتظ بهم المكان يبادرنا بالقول بلهجته الشامية العريضة:" ( شو بدنا بالحكي) العيد في دمشق غير, فأنا كنت قد سافرت في البحر على متن عدةِ سفن بوصفي طاهٍ لها, و نزلنا في العديد من الموانئ حول العالم, و جبتُ بلداناً عدة, و قضيت رمضان و العيد مرةً في مراكش و مراتٍ أخرى في عواصم و مدن أوروبية, لكن للشام_ كما يصفها أبو محمد_ لمسةً سحرية تضفيها على أيام الشهر الفضيل, و كذلك على أيام  عيد الفطر السعيد".

 

أم علي هي الأخرى كانت قد أخذت أولادها إلى مدينة ملاهي السندباد, الواقعة في حي المزة الدمشقي عندما التقيناها, و تحدثنا إليها, فقالت:" كل عام و أنتم و كل أهل سورية و المغتربين منا بألف خير, و(نشالله) كما تضيف أم علي في العام القادم كل السوريين يكونوا موجودين هنا في سورية, و يتشاركوا فرحة العيد معاً, و لا ننسى أن نتوجه بالرحمة و العزاء لكل الشهداء الشرفاء الذين دافعوا عن هذه الأرض, و بالطبع لولا تضحياتهم لما كنت قادرة اليوم على المجيء و الاستمتاع مع أولادي و أسرتي هنا في هذا المكان, و نحن نشعر بأعلى درجات الأمان, حمى الله الشام و أهل الشام ( يا ابني) ".

 

 

الدكتور محمد اللبابيدي, هو باحثٌ في التراث الشعبي و الموروثات يحدثنا عن العيد في دمشق , و يقول:" إن تقاليد عيد الفطر في دمشق , هي بمثابةِ علامةٍ فارقة تميز المدينة عن سواها من مدن و عواصم العالم , فالعيدية, و المراجيح, و شراء الريحان و زيارة القبور, و معايدة الأهل و الأقارب في اليوم الأول, ناهيك عن صلاة العيد, كلها أمورٌ متأصلة في أذهان و ذاكرة أهل المدينة منذ عقودٍ و سنين خلت, و لا يجوز أن يأتي العيد و يذهب دون أن تكون هذه الطقوس قد مورِست من الجميع هنا في دمشق , كبيراً و صغيراً".

 

إذاً ليست هي تلك الأيام الثلاثين لشهر رمضان المبارك, و لا الأيام الثلاثة لعيد الفطر السعيد, إنما هم ثلاثمائة و ستين يوماً في عام العاصمة, يُمسونَ مهرجاناً للحب و السلام و السحر و عبق القداسة, في مركز الكون الذي يعتقده جميع السوريين, في دمشق, و في سورية, الوطنُ الأسمى .


عدد القراءات: 13430