شارك
|

الموزاييك الدمشقي ..اصطفاف السحر في لوغاريتٍم إبداعي

تاريخ النشر : 2016-09-19

تقرير: أمين عوض

 

تصطف أجزاء السحر في دمشق الواحدة تلو الأخرى، لتشكل لوحاتٍ غايةَ في الروعة والجمال تبهر القلوب وتذيب العقول تاركةً إياها في نشوةٍ لا مثيل لها عند نواصي المدينة القديمة، ولعل فن الموزاييك الذي لطالما اشتهرت به دمشق واحداً من هذه اللوحات التي تأبى إلا وأن تشكل أحد عقود الإبداع في العاصمة الأقدم في تاريخ البشرية.

 

موقع "المغترب السوري" زار العم جهاد في محله القابع في حي باب شرقي في دمشق، وهو ابن المنطقة وصاحب المهنة التي أكل الدهر عليها وشرب يحدثنا بحماس الشاب العاشق لما تصنع يداه فيقول: "لقد ورثت هذه المهنة عن أبي وهو ورثها عن أبيه قبل ستين عام، واليوم ونحن في الألفية الثانية ما زلنا نمارس هذه المهنة كمصدرٍ أساسي للرزق، تعدى خلال السنوات العشرين الأخيرة علاقة الشخص الساعي للرزق, إلى العاشق الولهان والتي أصبحت مهنته هي إدمانه اليومي حتى في أيام العطل".

 

يتابع العم جهاد : "لقد بدأ جدي كنجار و من ثم طور مهارته لتشمل تطعيم الخشب، الذي أوصله إلى هذا المحل الذي نعتبره عمل العائلة لربما الأزلي".

 

تعتبر صناعة الموزاييك الدمشقي من أقدم المهن العريقة التي اشتهرت بها ولا تزال، يضيف العم جهاد: "وفن تطعيم الخشب بالصدَف، أو ما يسمى الموزاييك، هو إدخال مادة الصدف إلى جزيئاتٍ من أنواعٍ خشبية مختلفة، تتحول بعد إضافة روح الصانع الدمشقي إلى قطعٍ يتسابق الجميع لإهدائها".

 

تتعد المواد المستخدمة في تزيين الخشب بالموزاييك, لكن أبرزها على حد وصف العم جهاد: "هو الصدف الذي يضفي على القطع جماليةً مميزة، حيث نقوم باستيراد نوعين من الصدف الطبيعي، صدف البحري وصدف النهري المستخرج من نهر الفرات، ويأتي بثلاثة ألوان هي الأبيض، الأصفر، الزهري، وتأتي الزخارف بأشكالٍ هندسية مختلفة ومتنوعة، دائرية ومربعة ومسدسة وغيرها..".

 

 

يختم العم جهاد حديثه بالقول: "لقد تميز الحرفي الدمشقي في هذه المهنة عن غيره من الحرفيين في المدن الأخرى مثل حلب والقدس, حيث صار الطلب عليها من دمشق يتزايد مع الوقت، وانتشرت في تلك الفترة وما تلاها ورش تصنيع الموزاييك في أحياء دمشق القديمة، حتى بلغ عدد العاملين في هذه الحرفة في منتصف القرن العشرين نحو ثمانيةٍ وعشرين ألف حرفي, كانوا يقدمون إنتاجهم بكمياتٍ كبيرة للسوق المحلية والأسواق المحيطة".

 

تثبت سورية في كل مرة أنها كالبستان الخير دائماً يطرح ثماراً صالحة تنتشر بذورها في كل الأرجاء لتكون رسائل حبٍ وسلام من أم الدنيا من دمشق.


عدد القراءات: 17156

اخر الأخبار