شارك
|

أبولودور الدمشقي.. أعظم معمار في التاريخ القديم

تاريخ النشر : 2015-09-02

يذكر كتاب جامعة " كمبردج " الشهير: «أن سورية في مجال العمارة كانت متقدّمة على روما، بل كانت بالنسبة لها نموذجاً يحتذى، وقد تفوقت سورية على روما في عبقريتها المبدعة، وفي معارفها التقنية، وفي مهارة عمالها، ويفترض أن أبولودور الدمشقي قد اقتبس تصاميم المباني من موطنه الأصلي".

 

وأبو لودور الدمشقي الذي يتحدث عنه كتاب كمبردج هو ذلك المعمار والمهندس المدني والعسكري السوري، الذي ولد في دمشق عام 60 ميلادي وتوفي في المنفى نحو عام 125 ميلادي، وقد بلغ في عهد الإمبراطور الروماني "تراجان" الذي حكم روما بين عامي (98-117م) منصب وزير الأشغال العامة، وكان جَسوراً في حياته، ومن خلال تأمل تمثاله النصفي الموجود حالياً في متحف "ميونيخ" بألمانيا، يتضح أنه كان متين البنية، قوي الشكيمة، متوازن الشخصية، نبيل القسمات، جميل الرجولة، وفيه مهابة، ووجهه يحتوي سمات شرقية لا شك فيها..

 

الدراسات التي كُتبت عن أبولودور الدمشقي، ومنها دراسة الدكتور الراحل عدنان البني تقول: إن وراء اسمه تكمن أعظم المنجزات المعمارية الرومانية في عهد الإمبراطور تراجان، الذي كانت تربطه بأبولودور صداقة متينة يعود إلى أيام خدمة تراجان كمحام عسكري في سورية، عندما كان والده والياً عليها.. وعندما أصبح حاكماً على روما، وبدأ في عهده، الفن يأخذ صورة مختلفة عن العهد الهيلينستي، فظهرت منحوتات بمفاهيم جديدة، تمثّل لأول مرة الطبقات الشعبية في العديد من المشاهد، وكان وراء ذلك كله، شخصية فنية، سورية، هي شخصية "أبولودور الدمشقي.

 

يقدر عدد الأعمال التي أنجزها وحققها "أبولودور" وفق الدراسات الحديثة بخمسة عشر عملاً على الأقل، وأهمها السوق الذي بناه على سفح رابية الكويدينال المعروف باسم «الفوروم التراجاني» بين عامي 108و 109م، ويضم هذا السوق فيما يعرف حتى الآن، نحو مئة وخمسين دكاناً، وتشير الدراسات إلى تعدد وظائف هذا السوق، فقد كانت تباع فيه التوابل والحبوب والخمور والزيوت والأسماك وغير ذلك، وقد ظلّ هذا السوق يستهوي المصممين المعماريين في كل العصور، لما يتمتع به من جمال وبساطة، مع الفائدة القصوى من إشغالات الأرض، فضلاً عن خلفيته المعمارية الأخّاذة.

 

وينسب إلى أبولودور، قوس النصر في مدينة "بيغافتوم" وقوس النصر في مدينة "أنكونا" ومن منجزاته أيضاً مسرح موسيقي "أوديون" في مدينة "مونتي جورد يانو" وغير ذلك كثير، ومن المفيد ذكر مؤلفه عن «آلات الحصار» الذي وصلت إلينا بعض رسومه مستنسخة في مخطوط بيزنطي..

 

تتحدث الدراسات والمؤلفات التي كتبت عن "أبولودور" الدمشقي عن النهاية المأساوية لهذا الفنان والمهندس العالمي الكبير، وتجمع القول بأن الإمبراطور "هدريان" اتهم أبولودور بأشياء مختلقة، ونفاه من روما، ثم أمر بقتله".

 

وهكذا انتهت حياة هذا المعمار الدمشقي "أبو لودور" الذي بفضله، كان عصره بمثابة العصر الذهبي لفن العمارة والعمران في تاريخ الإمبراطورية الرومانية، والتاريخ القديم، ولم تزل الجامعات والمعاهد في شتى أرجاء العالم تدّرس نظرياته ومنجزاته الرائعة، الباقية آثارها شاهدة على ذلك.


عدد القراءات: 12384

اخر الأخبار