تقرير: المعتصم خربيط
وضعت وسائل الإعلام قضايا اللجوء السوري موضع البحث والنقاش والمتابعة، وباتت أخبار اللاجئين السوريين تتصدر اهتمامات تلك الوسائل وجمهورها وما يصاحب حالات اللجوء من مشاكل وتحديات، وقد شكلت مسألة طلب لجوء فتيات صغيرات تم تزويجهن في سورية دون سن الرشد أزمة في أوروبا التي يرفض قانون الدول فيها زواج القاصرات، وتصاعد الجدل حول هذه المسألة في دولة كهولندا مؤخرا بعد أن طفت على الساحة مشكلة اختفاء طفلة متزوجة كانت تقيم في مركز لإيواء اللاجئين.
وانتشر عبر مواقع التواصل مقطع فيديو للقاء إعلامي مع رجل قال إنه مواطن سوري لجأ إلى ألمانيا، وبصحبته 4 زوجات، قدم إحداهن كزوجة والبقية "صديقات" له، على أساس أن القانون الألماني يجرم تعدد الزوجات، بينما يعتبر تعدد الصديقات قضية شخصية لا دخل للقانون فيها. واعتبر الرجل أن ما فعله غير مهم إذ أن العبرة في أنه تزوجهن "على سنة الله ورسوله".
وفي السياق، لا يراعي القانون الألماني حقوق الزوجة الثانية في الإقامة مع زوجها، لأن تعدد الزوجات غير معترف به، فيما تسعى الحكومة في لاهاي جاهدة للتغلب على ثغرة في قانون اللجوء الذي يسمح حتى الآن بلم شمل الطفلات العرائس بأزواجهن في هولندا، وقد أثار ذلك حالة من الجدل حول كيفية تعامل هولندا مع أزمة اللاجئين، حيث يرى بعض اليمينيين أن البلاد تغض الطرف عن الاعتداء الجنسي على الأطفال.
وتحدث حول هذه القضية سياسي هولندي قائلاً "نحن نتحدث عن فتيات صغيرات في حقيقة الأمر، فتيات في الثانية عشرة أو الثالثة عشرة من العمر يتم تزويجهن لرجال في الأربعين او اكثر من العمر، هذا ليس زواجا، هذا اعتداء". وأضاف "أريد أن يكون هناك حماية لهؤلاء الأطفال، يجب على الحكومة أن تكفلهن وتحميهن، لأنهن سيصبحن عرضة للاعتداء حتى يدخل القانون الجديد حيز التنفيذ."
وكانت الشرطة الهولندية قد أعلنت في وقت سابق اختفاء فاطمة القاسم وهي الطفلة التي كانت تقيم في أحد مراكز الإيواء وهي تبلغ من العمر 14 عاما وحبلى في شهرها التاسع، وهو ما ألقى الضوء على المشكلة التي تواجهها هولندا في إيواء الفتيات اللاتي تزوجن في مناطق خارج سيطرة الدولة في سورية، لكنهن تحت سن الرشد في هولندا، حيث ان سن الموافقة على ممارسة الجنس حسب القانون الهولندي هو 16 عاما.
وزير الهجرة كلاس ديجكوف قال في تصريح إعلامي إن الدولة تعترف حاليا بحالات الزواج التي تشمل مراهقين صغار، طالما أن هذه الزيجات مسجلة رسميا في بلدانها الأصلية.
ويرى مختصون أن هولندا لن تعترف قريبا بهذه الزيجات بعد صدور القانون الجديد الذي ينص على أن طلبات لم شمل الأسرة ستعترف فقط بالزيجات التي يزيد عمر الزوج والزوجة فيها عن 18 عاما، ويتوقع استصدار هذا القانون وبدء العمل به في ديسمبر/كانون الأول المقبل.
من جهة أخرى، قال أحد اللاجئين السوريين عبر صفحته على فيسبوك: "يواجه اللاجئون صدمة ثقافية في الوقت الحالي، لقد جئنا بمعتقداتنا وعاداتنا، ومن الصعب التخلي عنها"، فيما شكى العديد من اللاجئين السوريين في أوروبا، من تغيرات كبيرة حدثت في حياتهم الشخصية، متمثلة بانقلاب زوجاتهم عليهم، أو بتغير تعاملهن معهم، مستفيدات من القوانين الأوروبية التي تعطي حقوقاً للمرأة أكثر من الرجل، وتمنحها الأفضلية في إدارة شؤون الأسرة والتحكم بالدخل المادي الذي تمنحه هذه الدول للأسرة.
تقول الأكاديمية السورية المختصة في شؤون التربية، الدكتورة زرياف المقداد: "في مجتمعنا هناك شريحة واسعة من النساء تعمل، لكن في أغلب الحالات الكثير من النساء ليس لديهن استقلال مادي والسلطة المادية تابعة للزوج أو الأسرة. كما ان الزوج في بلادنا غير قادر مادياً على أن يقوم بكافة الأعباء المادية، لذلك هو يعتمد بصورة مادية على راتب الزوجة، ويرهن تعبها وراتبها للأسرة، لذلك عندما أتت المرأة السورية إلى أوروبا، وجدت مخصصاتها المادية مستقلة".
وأضافت أن "الروابط الأسرية للسوريين في أوروبا مهددة نظراً لفهمنا الخاطىء لمسألة الحقوق والواجبات، ولأننا بالأساس لا نمتلك ثقافة الحقوق والواجبات بوضوح"، مشيرة إلى أنها ليست مع تدخل السلطة الخارجية لفض الخلافات داخل سلطة الأسرة لأن ذلك سيعني النهاية لمؤسسة الأسرة.