تبلغ غصون إدريس 56 عاما، وهي والدة لشهيد، تعمل بمهنة شاقة تتطلب جهداً عضلياً واستثنائياً وباتت تلقب بسيدة النحاس لشدة حبها لمهنتها واتقانها تطويع أسلاك النحاس في لف المحركات الكهربائية في ورشة الصيانة بالمطحنة العامة في السلمية بريف حماة.
تقول غصون: “قد تكون مهنة لف المحركات قاسية وصعبة على المرأة في نظر الآخرين لكني أحبها وأعتبرها بمثابة فضائي الخاص ولا أخفي على أحد أن بدايات تعلمي للمهنة كانت صعبة وشاقة بسبب حاجتها للجهد العضلي والحسابي والدقة العالية في عملية لف الأسلاك النحاسية يضاف إلى ذلك شعور الخوف من التعامل مع الطاقة الكهربائية بتيارات عالية فهي قاتلة في أقل وأبسط الأخطاء وهذا ما يشكل الهاجس الحقيقي لجميع العاملين في قطاع لف المحركات، ولكن بدعم من زملاء المهنة وبفضل التمرين اليومي تمكنت من تخطي هذا الحاجز وقد كانت البدايات عبر مراحل طويلة من فهم دارات الأسلاك وتناسقها مع كل محرك كهربائي على حدة واستخدام التقنيات اليدوية في عملية لف المحركات ودراسة الأقطار المناسبة للأسلاك التي يمكن استخدامها في كل مرحلة ومن ثم عمليات تنزيل هذه الدارات داخل جسد المحرك ومن ثم ربط الأسلاك بالطرق الهندسية الصحيحة لتستجيب لمختلف أوامر التشغيل وتحمل الجهد الكهربائي المطلوب”.
وأوضحت أن العام الأول من عملها كان قاسياً وشاقاً لكن بعد ذلك تمكنت من اتقان العمل واكتسبت الخبرة المطلوبة وما أسعفها في ذلك كثرة الأعطال الكهربائية للمحركات في المطحنة التي تعاني من عدم استقرار الشبكة الكهربائية وهو ما يولد أعطالاً واحتراقاً للمحركات بشكل مستمر ونظراً لقلة الكوادر الفنية يتحتم عليها مضاعفة الجهود، مشيرة إلى أن هذا الضغط ساعدها في تطوير مهاراتها بشكل سريع وأتاح الفرصة لها للتعامل مع كل المحركات من استطاعة نصف حصان وحتى 40 حصانا.
وبينت غصون أنها تسمع الكثير من الثناء من الأصدقاء ورؤساء الأقسام على الجهد الذي تقوم به فيما ينصحها البعض باختيار عمل إداري في المطحنة نظرا لسنها لكنها تصر على أن تكون إنسانة فاعلة ومنتجة في الميدان.