شهد عامُ 1972 ولادتَها في محافظة حماة - مدينة محردة حيث ترعرت وكبرت، وبقامتها الطّويلة وبنيانها الممشوق شقّت غادة طريقها في الرّياضة باكراً، والبداية كانت مع كرة السّلّة في نادي محردة. ونظراً لموهبتها لَعِبَت غادة في أنديةٍ عدّةٍ، كالجلاء الحلبيّ والثّورة الدّمشقيّ.
شَهِد عامُ 1989 ميداليّتَها الأولى الّتي نالتها في بطولة سورية لسباق الضّاحية. اتّجهت غادة إلى الرّياضة الفرديّة، وساعدتها في ذلك طبيعةُ المكان الّذي نشأت به... محردة الجميلة الخضراء بمساحاتها الشّاسعة، شكّلت مرتعها الأوّل لممارسة عشقها في مسابقة الرّيح والرّكض طويلاً دون حاجةٍ إلى الأموال الطّائلة الّتي ينفقها الرّياضيّون للتدرُّب على الجري، ولتصبح تلك البيئةُ هي الأولى الّتي أطلقتْها لتكون من ألمع رياضيّي العالم، في هذه السّنّ المبكِّرة تذكر غادة حادثةً طريفةً لا تتوقّف عن ذكرها، فهي بمثابة شرارةٍ لمعت لتنبّه الجميع إلى وجودها كرياضيّةٍ لامعةٍ. تقول: "كنت في الثّانية عشرة من عمري، وأنا في طريقي ذات يومٌ إلى المدرسة، وكان يفصلني نحو عشر دقائق عن قرع جرس بداية الدّرس الأوّل، عندما صادفت رجلاً طاعناً في السّنّ يحمل أرنباً، وفجأةً سقط الأرنب منه وفرّ هارباً.. حاول الرّجل يائساً الإمساكَ به ولكن دون جدوى، فجلس حزيناً يضرب كفّاً بكفٍّ، فما كان منّي إلّا أن جريت وراءه وسبقته وأمسكت به.. ووجدت نفسي بعيدةً جدّاً عن المدرسة فضاعفتُ السّرعة وأودعت الأرنب في منزلي وتابعت ركضي إلى المدرسة الّتي وصلت إليها بالتّزامن مع قرع جرس الدّخول إلى الصّفّ. وما إن انصرفت من المدرسة، حتّى أكملت مهمّتي، وسلّمت الأرنب إلى صاحبه الّذي لم يصدّق ما حدث".
أبصرت بداياتُها مع الرّياضة الفرديّة النّورَ عام 1991، حين فازت في المسابقة السّباعيّة في بطولة سورية، مسجّلةً رقماً سوريّاً جديداً قدره 4493 نقطةً. تجربتها الدّولية الأولى في تلك الرّياضة كانت في بطولة العالم في طوكيو 1991، حيث سجّلت رقماً متقدِّماً، لتحسّنه لاحقاً في نفس العام في بطولة آسيا في ماليزيا. وفي دورة الألعاب العربيّة السّابعة الّتي جرت في دمشق عام 1992، أحرزتِ المركزَ الأوّل مع ذهبيّتي الوثب الطّويل ورمي الرّمح وسباق التّتابع 100م. دقّت غادة أبوابَ العالميّة وارتقت سلّم النّقاط صعوداً بشكلٍ مدهشٍ في دورة ألعاب البحر المتوسّط الثّانية عشرة المُقامة في فرنسا عام 1993، لتنال عنها الميداليّة الفضّيّة. كما نالت البرونزيّة في دورة النّوايا الحسنة في مدينة بطرسبورغ الرّوسيّة عام 1994، وفي نفس العام ذهبيّة الألعاب الآسيويّة في هيروشيما اليابان.
كما لمع اسم تلك السّوريّة الّتي أبعدت كبرى بطلات العالم منتزعةً المركز الأوّل ومسجِّلةً 6760 نقطةً في بطولة غوتسيش النّمساويّة الدّوليّة عام 1995. كانت تلك البطولة تمهيداً للفوز الّذي سيسلّط الضّوء على تلك النّجمة الصّاعدة، حيث استطاعت أن تنتزع اللّقب العالميّ لسورية في بطولة العالم لألعاب القوى في مدينة غوتنبرغ بالسّويد 1995، لِتُتوَّج بطلةَ العالم في تلك البطولة. لاحقاً سجلّت رقماً قياسياً شخصياً مقداره 6942 في لقاء غوتسيش النّمساويّ 1996، وهو أفضل رقمٍ عالميٍّ سُجِّل حينها منذ خمس سنواتٍ. كان عام 1996 حافلاً بالنّجاحات، حيث تُوِّج بأعظم إنجازٍ حين أصبحت غادة شعاع البطلةَ الأولمبيّةَ في دورة الألعاب الأولمبيّة في أطلنطا، وهي الذّهبيّة الأولمبيّة الأولى لسورية، وقد كان نجاحها بفارقٍ كبيرٍ في النّقاط عن المركز الثّاني والثّالث.
في صعودها للأعلى شاءت الأقدار أن تتوقّف غادة جرّاء إصابةٍ خلال تحضيرها لبطولة العالم لألعاب القوى 1997. الإصابة القاسية الّتي تعرّضت لها في الظّهر أبعدتها عن ميدانها المفضّل وشغفها الرّياضيّ مدّةَ عامين من الزّمن، لتعود النّجمة في عام 1999 رغم الانقطاع الطّويل وتحرِز في بطولة العالم لألعاب القوى في مدينة إشبيليّة الإسبانيّة الميداليّةَ البرونزيّةَ. الغزالة السّمراء تعرّضت خلال مسيرتها الرّياضيّة الحافلة لحادث سيرٍ ترك في جسدها ما ترك من إصاباتٍ، ولكنّها أثبتت مرّةً أخرى أنّها هنا وقادرةٌ على حصد الميداليّات لبلدها رغم كلّ ما تعرّضت له. إنّ ما يعطي للفوز فرحاً لا يدانيه فرحٌ آخر وشعوراً غامراً بالفخر هي تلك اللّحظات الّتي تسبق الصّعود على منصّة التّتويج، عندما تقفُ عاليَ الرأس ليعلو نشيدُك الوطنيُّ في محافلَ عالميّةٍ مع العلم السّوريّ الّذي يعلو الكتفَين.. تلك اللّحظات كانت قادرةً على دفعها دوماً إلى أنْ تصبو للمزيد..
حتّى هذا اليوم لا يوجد في سجلّ سوريّة الرّياضيّ سوى ميداليّةٍ ذهبيةٍ أولمبيّةٍ واحدة أحرزتها غادة شعاع بعد فضّيّةٍ أولمبيّةٍ كان قد حقّقها قبلها بأعوامٍ الملاكمُ جوزيف عطيّة.